انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤١

تفسير قوله تعالى : (ثم تاب عليهم ) الخ ولا يجوز كاد الا عند الكسائي فانه يحذف الفاعل ، وكان الرضى لم يبال بما لزم على هذا التخريج من تقديم خبر كان على اسمه لما عرفت من أنه ليس بمحذور على ما هو الحق. وذهب أبو حيان إلى أن ( كاد ) زائدة ومعناها مراد ككان ولا عمل لها في اسم ولا خبر ليخلص من القيل والقال ، ويؤيده قراءة ابن مسعود (من بعد ما زاغت) باسقاط كاد ، وقد ذهب الكوفيون إلى زيادتها في نحو لم يكد مع أنها عاملة معمولة فهذا أولى * وقرأ الأعمش (تزيغ) بضم التاء ، وجعلوا الضمير على قراءة ابن مسعود للمتخلفين سواء كانوا من المنافقين أم لا كأبي لبابة ثم تَابَ عَليهم ) تكرير للتأكيد بناء على أن الضمير للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمهاجرين والانصار رضى ) الله تعالى عنهم ، والتأكيد يجوز عطفه بثم كما صرح به النحاة وإن كان كلام أهل المعانى يخالفه ظاهرا ، وفيه تنبيه على أن توبته سبحانه في مقابلة ما قاسوه من الشدائد كما دل عليه التعليق بالموصول ، ويحتمل أن يكون الضمير للفريق ، والمراد أنه تاب عليهم لكيدودتهم وقربهم من الزيغ لأنه جرم محتاج إلى التوبة الله دو عليه فلا تكرار لما سبق ، وقوله : ( إنه بهم رموف رحیم (١١٧) استئناف تعليلي فان صفة الرأفة والرحمة من دواعى التوبة والعفو ، وجوز كون الاول عبارة عن إزالة الضرر والثانى عن ايصال النفع، وأ ، وأن يكون أحدهما للسوابق والآخر للواحق ) وَعَلَى الثلاثة ( عطف على النبي) ، وقيل : إن (تاب) مقدر في نظم الكلام لتغاير هذه التوبة والتوبة السابقة وفيه نظر ، أى و تاب على الثلاثة ( الَّذِينَ خَلَفُوا ) أى خلف أمرهم وأخر عن أمر أبي لبابة واصحابه حيث لم يقبل منهم معذرة مثل أولئك ولا ردت ولم يقطع في شأنهم بشيء إلى أن نزل الوحى بهم ، ، فالاسناد اليهم إما مجاز أو بتقدير مضاف في النظم الجليل ، وقد يفسر المتعدى باللازم أى الذين تخلفوا عن الغزو وهم كعب بن مالك من بني سلمة ، وهلال بن أمية من بني واقف ، ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف، ويقال فيه ابن ربيعة ، وفي مسلم . وغيره وصفه بالعامرى وصوب كثير من المحدثين العمري بدله . وقر أعكرمة . ورزين بن حبيش . وعمرو بن عبيد (خلفوا) بفتح الخاء واللام خفيفة أي خلفوا الغازين بالمدينة أو فسدوا من الخالفة وخلوف الفم ، وقرأ على بن الحسين . ومحمد الباقر . وجعفر الصادق رضى الله تعالى عنهم . وأبو عبد الرحمن السلمى . ( خالفوا ) ، وقرأ الأعمش : ( وعلى المخلفين ) وظاهر قوله تعالى : ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض كم انه غاية للتخليف بمعنى تأخير الأمر أى آخر أمرهم إلى أن ضاقت عليهم الأرض ) بما رحبت ) أى برحبها وسعتها الاعراض الناس عنهم وعدم مجالستهم ومحادثتهم م الأمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لهم بذلك وهو مثل لشدة الحيرة ، والمراد أنهم لم يقروا في الدنيا --- سعتها وهو كما قيل : . ك أن بلاد الله وهى فسيحة على الخائف المطلوب كفة حابل ) وَضَاقَت عليهم انفسهم ) أي قلوبهم وعبر عنها بذلك مجازاً لأن قيام الذوات بها، ومعنى ضيقها غمها دنيا كأنها لا تسع السرور لضيفها ، وفى هذا ترق من ضيق الأرض عليهم إلى ضيقهم في أنفسهم ( ٢-٦ - ج - ١١ - تفسیر روح المعانی )