٣٦ تفسير روح المعاني ) لمن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا ) ، وقيل . استئناف لبيان ماحمله على الاستغفار . وأورد عليه أنه يشعر بظاهره أن استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه كان عن وفور الرحمة وزيادة الحلم وهو يخالف صدر الآية حيت دل على أنه كان عن موعدة ليس إلا ، ولعل المراد أن سبب الاستغفار ليس الا الموعدة الناشئة عما ذكر فلا اشكال . وفيها تأكيد لوجوب الاجتناب بعد التبين كأنه قيل : إنه عليه الصلاة والسلام تبرأ منه بعد التبين وهو فى كمال رقة القلب والحلم فلابد أن يكون غيره أكثر منه اجتنابا وتبرؤاً ، وجوز بعضهم أن يكون فاعل وعد ضمير الأب و (إيام) ضمير إبراهيم عليه الصلاة والسلام أى إلا عن موعدة وعدها إبراهيم أبوه وهى الوعد بالايمان . قال شيخ مشايخنا صبغة الله أفندى الحيدري : لعل هذا هو الاظهر في التفسير فان ظاهر السياق أن هذه الآية دفع لما يرد على الآية الأولى من النقض باستغفار إبراهيم لأبيه الكافر ويكفي فيه مجرد كونه في حياة أبيه حيث يحمل ذلك على طلب المغفرة له بالتوفيق للايمان كما قرر سابقا من غير حاجة إلى حديث الموعدة فيصير ( الا عن موعدة وعدها إياه كالحشو على التوجيه الأول للضميرين بخلاف هذا التوجيه فإن محصله عليه هو أنه لا يرد استغفار ابراهيم لأبيه نقضا على ما ذكرنا إذهو إنما صدر عن ظن منه عليه الصلاة والسلام بايمانه حيث سبق و عده به معه عليه الصلاة والسلام فظن أنه وفى بالوعد و جرى على مقتضى المهد فاستغفر له فلما تبين له أنه لن يفى ولن يو من قط أولم يف ولم يؤمن تبرأ منه . ويمكن أن يوجه ذكر الموعدة على التوجيه الأول أيضا بأن يقال : أراد سبحانه و تعالى تضمين الجواب يكون ذلك الاستغفار في حال حياة المستغفر له وحمله على الطلب المذكور فائدة أخرى هي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لغاية تصلبه في الدين وفرط تعصبه على اليقين ما كان يستغفر له وإن كان جائزا لكن تأوه وتحلم فاستغفر له وفاء بالموعدة التي وعدها إياه فتفطن انتهى ، وأنت تعلم أنه على التوجيه الثاني لا يستقيم ماقالوه في استئناف الجملة من أنه لبيان الحامل وكان عليه أن يذكر وجه ذلك عليه ، وأيضا قوله رحمه الله تعالى في بيان الفائدة : لكنه تأوه وتحلم حيث نسب فيه الحلم إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بصيغة التفعل مع وصفه تعالى له عليه الصلاة والسلام بالحليم عثرة لا يقال لصاحبها لعا ، وحمل ذلك على المشاكلة مع إرادة فعل مما لا يوافق غرضه وسوق كلامه ، فالحق الذي ينبغي أن يعول عليه التفسير الأول للآية وهو الذي يقتضيه ما روى عن الحسن . وغيره من سلف الأمة رضى الله تعالى عنهم . وذكر حديث الموعدة لبيان الواقع في نفس الأمر مع مافيه من الإشارة إلى تأكيد الاجتناب وتقوية الفرق كأنه قيل : فرق بين بين الاستغفار الذي نهيتم عنه واستغفار ابراهيم عليه السلام فان استغفاره كان قبل التبين وكان عن موعدة دعاه اليها فرط رأفته وحلمه وما نهي عنه ليس كذلك . بقى أن هذه الآية يخالفها ظاهر ما رواه البخاري في الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : يلقى إبراهيم عليه السلام أباه يوم القيامة وعلى وجهه قترة وغيرة فيقول إبراهيم عليه الصلاة السلام : ألم أقل لك لا تعصى فيقول أبوه اليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: يارب إنك وعدتني أن لا تخزينى يوم يبعثون فأى خزى أخرى من أبي الا بعد فيقول الله تعالى إلى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال: يا إبراهيم ما تحت رجليك؟ فينظر فاذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار. ورواه غيره بزيادة فيتبر أمنه فان الآية ظاهرة فى انقطاع رجاء إبراهيم عليه السلام اتصاف أبيه بالايمان وجزمه بأنه لا يغفر له ولذلك تبرأ منه وترك الاستغفار له فان الاستغفار له مع الجزم بأنه لا يغفر له مالا يتصور
صفحة:روح المعاني11.pdf/36
المظهر