تفسير روح المعاني أثامن بالنفس النفيسة ربها فليس لها في الخلق كلهم ثمن بها أشترى الجنات أن أنا بعتها بشيء سواها إن ذلكم غبن إذا ذهبت نفسى بدنيا أصبتها فقد ذهبت منى وقد ذهب الثمن , والمشهور عنه رضى ! الله تعالى عنه أنه قال : ليس لأبدانكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها الابها، وهو ظاهر في أن المبيع هو الابدان ، وبذلك صرح بعض الفضلاء في حواشيه على تفسير البيضاوى حيث قال : إن الله تعالى اشترى من المؤمن الذي هو عبارة عن الجوهر الباقى بدنه الذى هو مركبه وآلته ، والظاهر أنه أراد بالجوهر الباقى الجوهر المجرد المخصوص وص وهو النفس الناطقة ، ولا يخفى أن جمهور المتكلمين على نفي المجردات وإنكار النفس الناطقة وأن الانسان هو هذا الهيكل المحسوس ، وبذلك أبطل بعض أجلة المتأخرين من أفاضل المعاصرين القول بخلق الافعال لما يلزم عليه من كون الفاعل والقابل واحدا ، وقد قالوا : بامتناع اتحادهما ، والانصاف إثبات شئ مغاير للبدن والهيكل المحوس فى الإنسان ، والمبيع اما ذاك ومعنى بيعه تعريضه للمهالك والخروج عن التعلق الخاص بالبدن وإما البدن ومعنى بيعه ظاهر إلا أنه ربما يدعى أن المتبادر من النفس غير ذلك الا يخفى على ذوى النفوس الزكية التيبون ) نعت للمؤمنين ، وقطع لأجل المدح أى هم التائبون ويدل على ذلك قراءة عبد الله. وأبى (التائبين) بالياء على أنه منصوب على المدح أو مجرور على أنه صفة للمؤمنين * وجوز أن يكون (التاثبون) مبتدأ والخبر محذوف أى من أهل الجنة أيضاً وإن لم يجاهدوا لقوله تعالى : (وكلا وعد الله الحسنى فان كلا فيه عام ، والحسنى بمعنى الجنة * وقيل : الخبر قوله تعالى : ( العابدُونَ ) وما بعده خبر بعد خبر ، وقيل : خبره (الأمرون بالمعروف) وقيل : إنه بدل من ضمير ( يقاتلون) والأول أظهر إلا أنه يكون الموعود بالجنة عليه هو المجاهد المتصف بهذه الصفات لا كل مجاهد وبذلك يشعر ما أخرجه ابن أبي شيبة . وابن المنذر عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال: الشهيد من كان فيه الخصال التسع و تلا هذه الآية * وأورد عليه أنه ينا فى ذلك ماصح من حديث مسلم من أن من قتل في سبيل الله تعالى وهو صابر محتسب مقبل غير مدبر كفرت خطاياه إلا الدين فانه ظاهر فى أن المجاهد قد لا يكون متصفا بجميع ما في الآية الصفات وإلا لا يبقى لتكفير الخطايا وجه ، وكأنه من هنا اختار الزجاج كونه مبتدأ والخبر محذوف ما سمعت اذ في الآية عليه تبشير مطلق المجاهدين بما ذكر وهو المفهوم من ظواهر الاخبار . نعم دل كثير منها على أن الفضل الوارد فى المجاهدين مختص بمن قاتل لتكون كلمة الله تعالى هي العليا وأن من قاتل للدنيا والسمعة استحق النار . وفي صحيح مسلم ما يقتضى ذلك فليفهم ، والمراد من التائبين على ما أخرجه ابن جرير. وابن المنذر ، وغيرهما عن الحسن . وقتادة الذين تابوا عن الشرك ولم ينافقوا . وأخرج ابن أبي حاتم . وأبو الشيخ عن الضحاك أنهم الذين تابوا عن الشرك والذنوب ، وأيد ذلك بأن التائبين في تقدير الذين تابوا وهو من ألفاظ العموم يتناول كل تائب فتخصيصه بالتائب عن بعض المعاصى تحكم . وأجيب بأن ذكرهم بعد ذكر المنافة بين ظاهر فى حمل التوبة على التوبة عن الكفر والنفاق، وأيضا لو حملت التوبة على التوبة عن المعاصي يكون ماذكر بعد من الصفات غير تام الفائدة مع أن من اتصف بهذه الصفات الظاهر اجتنابه للمعاصي، والمراد من
صفحة:روح المعاني11.pdf/30
المظهر