تفسير قوله تعالى : (وعدا عليه حقا ) الخ العلماء بغير ذلك مما لا دلالة فيه عليه كما نص عليه النووي رحمه الله تعالى ، وتقديم حالة القاتلية في الآية على حالة المقتولية للايذان بعدم الفرق بينهما في كونهما مصداقا لكون القتال بذلا للنفس ، وقر أحمزة . والكسائي بتقديم المبنى للمفعول رعاية لكون الشهادة عريقة فى هذا الباب إيذانا بعدم مبالاتهم بالموت في سبيل الله تعالى بل بكونه أحب اليهم من السلامة كما قال كعب بن زهير فى حقهم : لا يفرحون إذا نالت رماحهم قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا لا يقع الطعن الا في نحورهم ومالهم عن حياض الموت تهليل وفيه على ماقيل دلالة على جرامتهم حيث لم ينكسروا لأن قتل بعضهم ، و من الناس من دفع السؤال بعدم مراعاة الترتيب فى هذه القراءة بأن الواو لا تقتضيه . وتعقب بأن ذلك لا يجدى لأن تقديم ما حقه التأخير في أبلغ الكلام لا يكون بسلامة الأمير كما لا يخفى ) وعدا عليه ( مصدر مؤكد لمضمون الجملة لأن معنى الشراء بأن لهم الجنة وعد لهم بها على الجهاد في سبيله سبحانه، وقوله تعالى : ( حَقًّا لم نعت له و (عليه) في موضع الحال من (حقا) لتقدمه عليه ، وقوله سبحانه : فى الثورية والانجيل والقرآن ) متعلق بمحذوف وقع نعتا لوعداً أيضا أى وعدا مثبتا في التوراة والانجيل كما هو مثبت في القرآن فالمراد الحاق ما لا يعرف بما يعرف إذ من المعلوم بوت هذا الحكم فى القرآن ، ثم إن ما فى الكتابين إما أن يكون أن أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم اشترى أنفسهم وأموالهم بذلك أو أن من جاهد بنفسه وماله له ذلك ، وفي كلا الأمرين ثبوت موافق لما الله تعالى منهم ! of في القرآن ، وجوز تعلق الجار باشترى ووعدا وحقا ل ومن او فى بعهده من الله ) إعتراض مقرر مضمون ما قبله من حقية الوعد ، والمقصود من مثل هذا التركيب عرفا نفى المساواة أى لا أحد مثله تعالى في الوفاء بعهده ، وهذا ما يقال : ليس فى المدينة أفقه من فلان فانه يقيد عرفا أنه أفقه أهلها ، ولا يخفى ما في جعل الوعد عهد او ميثاقا من الاعتناء بشأنه (فاستبشروا ) التفات إلى خطابهم لزيادة التشريف والاستبشار إظهار المرورهم، وليست السين فيه للطلب ، والفاء لترتيبه أو ترتيب الأمر به على ما قبله أى فاذا كان كذلك فاظهروا السرور بما فزتم به من الجنة ، وإنما قال سبحانه: ( بيعكم مع أن الابتهاج به باعتبار أدائه إلى الجنة لأن المراد ترغيبهم في الجهاد الذي عبر عنه بالبيع ، ولم يذكر العقد بعنو ان الشراء لأن ذلك من قبل سبحانه لا من قبلهم والترغيب على ما قيل إنما يتم فيما هو من قبلهم ، وقوله تعالى : ( الذى با يعتم به ) لزيادة تقرير بيعهم و للاشعار بتميزه على غيره فانه بيع الفاني بالباقي ولأن كلا البدلين له سبحانه وتعالى، ومن هنا كان الحسن إذا قرأ الآية يقول: أنفس هو خدمها وأموال هو رزقها وذلك أى البيع الذي أمرتم به ( هو الفوز العظيم ١١١) الذي لا فوز أعظم منه ، وما في ذلك من البعد إشارة إلى بعد منزلة المشار اليه ، سمو رتبته في الكمال ؛ والجملة تذييل مقرر لمضمون الامر السابق، ويجوز أن يكون تذييلا الآية الكريمة والأشارة إلى الجنة التي جعلت ثمنا بمقابلة ما بذلوا من أنفسهم وأموالهم ، وفى ذلك إعظام للثمن ومنه يعلم حال المثمن ، ونقل عن الاصمعي أنه أنشد للصادق رضي الله تعالي عنه :
صفحة:روح المعاني11.pdf/29
المظهر