انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢٥

وهی من باب الاشارة في الآيات ٢٥ بحرارة الفكر وشدائد الرياضة ) ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون) وهم المتجردون من الاكوان (حرج) اثم في التخلف عن الجهاد الاصغر (إذا نصحوا الله ورسوله) بأن أرشدوا الخلق إلى الحق (ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ) غرامة وخسر انا ، قيل : كل من يرى الململك لنفسه يكون ما ينفق غرامة عنده وكل من يرى الاشياء الله تعالى وهى عارية عنده يكون ما ينفق غنما عنده ( والسابقون الاولون ) أى الذين سبقوا إلى الوحدة من أهل الصنف الأول ( من المهاجرين ) وهم الذين هجروا مواطن النفس والانصار ) وهم الذين نصر و القلب بالعلوم الحقيقية على النفس ) والذين اتبعوهم ) فى الاتصاف بصفات الحق (با حسان) أي بمشاهدة من مشاهدات الجمال والجلال (رضى الله عنهم ) بما أعطاهم من عنايته وتوفيقه ( ورضوا عنه ) بقبول ما أمر به سبحانه وبذل أموالهم ومهجهم فى سبيله عز شأنه ( وأعد لهم جنات ) من جنات الافعال و الصفات (تجرى من تحتها الانهار) أنهار علوم التوكل والرضا ونحوهما ووراء هذه الجنات المشتركة بين المتعاطفات جنة الذات وهي مختصة بالسابقين (وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) وهم الذين لم ترسخ فيهم ملكة الذنب وبقى منهم فيهم نور الاستعداد ولهذا لانت شكيمتهم واعترفوا بذنوبهم ورأوا قبحها وأما من رسخت فيه ملكة الذنب واستولت عليه الظلمة فلا يرى ما يفعل من القبائح الاحسنا (خلطوا عملا صالحا وآخر سيئاً ) حيث كانوا في رتبة النفس اللوامة التي لم يصر اتصالها بالقلب و تنورها بنوره ملكة لها ولهذا تنقاد له تارة وتعمل أعمالا صالحة وذلك إذا استولى القلب عليها وتنفر عنه أخرى وتفعل أفعالا سيئة إذا احتجبت عنه بظلمتها وهى دائما بين هذا وذاك حتى يقوى اتصالها بالقلب ويصير ذلك ملكة لها وحينئذ يصلح أمرها و تنجو من المخالفات، ولعل قوله سبحانه: الله أن يتوب عليهم ) إشارة إلى ذلك وقد تتراكم عليها الهيات المظلمة فترجع القهقرى و يزول استعدادها وتحجب عن أنوار القلب وتهوى إلى سجين : الطبيعة فتهلك الهالكين ، وترجح أحد الجانبين على الآخر يكون بالصحبة فان أدركها التوفيق صحبت الصالحين فتحلت بأخلاقهم وعملت أعمالهم فكانت منهم، وإن لحقها الخذلان صحبت المفسدين و اختلطت بهم فتدنست بخلالهم وفعلت أفاعيلهم فصارت من الخاسرين أعاذنا الله تعالى ( عسى من ذلك ، ولله در من قال : عليك بأرباب الصدور فمن غدا مضافا لأرباب الصدور تصدرا وإياك أن ترضى صحابة ناقص فتنحط قدرا عن علاك وتحقرا فرفع ابو من ثم خفض مزمل يبين قولى مغريا ومحذرا وقد يكون ترجح جانب الاتصال بأسباب أخر كما يشير اليه قوله سبحانه وتعالى : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ( لأن المال مادة الشهوات فأمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالأخذ من ذلك ليكون أول حالهم التجرد لتنكسر قوى النفس وتضعف أهواؤها وصفاتها فتتزكى من الهيات المظلمة وتتطهر من خبث الذنوب ورجس دواعى الشيطان ) وصل عليهم ( بامداد الهمة وإفاضة أنوار الصحبة ( إن صلاتك سكن لهم ) أى سبب لنزول السكينة فيهم ، وفسروا السكينة بنور يستقر فى القلب و به يثبت على التوجه ! جه الى الحق ويتخلص عن الطيش ) المسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ) لأن النفس تتأثر ( -٤ - ج - ١١ - تفسير روح المعاني )