١٨ تفسیر روح المعاني طلب الضرر ومحاولته ، أخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ان جماعة من الانصار قال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدا و استمدوا ما استطعتم من قوة وسلاح فاني ذاهب الى قيصر ملك الروم فاتي بجند من الروم فأخرج محمدا عليه الصلاة والسلام وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم اتوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : قــد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلى فيه وتدعو بالبركة فنزلت . وأخرج ابن اسحق. وابن مردويه عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال أتى أصحاب مسجد الضرار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا. يارسول الله انا قد بنينا مسجدا لذي العملة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاقية وانا نحب أن تأتينا فتصلى لنا فيه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: اني على جناح سفر و حال شغل أو كما قال عليه الصلاة والسلام ولو قدمنا أن شاء الله تعالى لآتيناكم فصلينا لكم فيه فلما رجع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من سفره ونزل بذى أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار أتاه خبر المسجد فدعامالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف. ومعن بن عدى وأخاه عاصم بن عدى أحد بلعجان فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهد ماه وأحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك فقال مالك لصاحبه: أنظرني حتى أخرج لك بنار من أهلى فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله فأحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن مانزل وكان البانون له اثنى عشر رجلا : خذام ابن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمر و بن عوف و من داره أخرج المسجد . وعباد بن حنيف من بني عمرو بن عوف أيضا . وثعلبة بن حاطب . ووديعة بن ثابت وهما من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبد المنذر . ومعتب بن قشير. وأبو حبيبة بن الازعر . وحارثة بن عامر . وابناه مجمع ، وزيد . ونبيل بن الحرث . ونجاد ابن عثمان . ويجدح من بني ضبيعة . وذكر البغوى من حديث ذكره الثعلبي كما قال العراقي بدون سند أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمر : بعد حرق المسجد وهدمه أن يتخذ كناسة يلقى فيها الجيف والنتن والقمامة إهانة لأهله لما أنهم اتخذوه ضرارا وكفرًا ) أى وليكفروا فيه ، وقدر بعضهم التقوية أى وتقوية الكفر الذي يضمرونه ، وقيل عليه : إن الكفر يصلح علة فما الحاجة إلى التقدير . واعتذر أنه يحتمل أن يكون ذلك لما أن اتخاذه ليس بكفر بل مقو له لما اشتمل عليه فتأمل ( وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهم كما قال السدى أهل قباء فانهم كانوا يصلون في مسجدهم جميعا فأراد هؤلاء حسدا أن يتفرقوا وتختلف كلمتهم وَإرْصَادًا ) أي ترقبا وانتظارا ( لَمَنْ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ ) وهو أبو عامر والد حنظلة غسيل الملائكة رضى الله تعالى عنه ، وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وتنصر فلما قدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة قال له أبو عامر : ما هذا الدين الذي جئت به ؟ فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : الحنيفية البيضاء دين ابراهيم عليه السلام قال : فأنا عليها فقال له عليه الصلاة والسلام : إنك لست عليها فقال : بلى ولكنك أنت أدخلت فيها ما ليس منها فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ما فعلت ولكن جنت بها بيضاء نقية فقال أبو عامر : أمات الله تعالى المكاذب منا طريدا وحيدا فأمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فسماه الناس أبا عامر الكذاب وسماه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الفاسق فلما كان يوم أحد قال للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : لا أجد قوما يقاتلونك الا قاتلتك معهم فلم يزل كذلك إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن يومئذ "
صفحة:روح المعاني11.pdf/18
المظهر