١٦ تفسير روح المعاني . تقرير لما يقرره مع زيادة معنى ليس فيه أى ألم يعدوا أنه سبحانه المختص المستأثر بلوغ الغاية القصوى من قبول التوبة والرحمة وذلك شأن من شؤنه وعادة من عوائده المستمرة، وقبل غير ذلك ، والجملتان فى حيز النصب بيعلموا يسد كل واحدة منهما مسد مفعوليه ( وقل اعملوا ما تشامون من الأعمال ( فسيرى الله عملكم خيرا كان أو شراء والجملة تعليل لما قبله أو تأكيد لما يستفاد منه من الترغيب والترهيب والسين للتأكيد ما قررنا أى يرى الله تعالى البتة ورسوله والمؤمنون ) عطف على الاسم الجليل، والتأخير عن المفعول للاشعار بما بين الرؤيتين من التفاوت، والمراد من رؤية العمل عند جمع الاطلاع عليه وعلمه علما جليا، ونسبة ذلك للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين باعتبار أن الله تعالى لا يخفى ذلك عنهم ويطلعهم عليه أما بالوحى أو بغيره . وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في الاخلاص عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ولو أن أحدكم يعمل فى صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله تعالى عمله للناس كائنا ما كان» وتخصيص الرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين بالذكر على هذا لانهم الذين يعبأ المخاطبون باطلاعهم، وفسر بعضهم المؤمنين بالملائكة الذين يكتبون الاعمال وليس بشيء ، ومثله بل أدهى وأمر ما زعمه بعض الامامية انهم الائمة الطاهرون ورووا ان الاعمال تعرض عليهم في كل اثنين وخميس بعد أن تعرض على النبي صلى 1° الله تعالى عليه وسلم . وجوز بعض المحققين أن يكون العلم هنا كناية عن المجازاة ويكون ذلك خاصا بالدنيوى من إظهار المدح والاعزاز مثلا وليس بالردى ، وقيل : يجوز إبقاء الرؤية على ما يتبادر منها. وتعقب بأن فيه التزام القول برؤية المعانى وهو تكلف وإن كان بالنسبة اليه تعالى غير بعيد، وأنت تعلم أن من الأعمال مايرى عادة كالحركات ولا حاجة فيه إلى حديث الالتزام المذكور على أن ذلك الالتزام في جانب المعطوف لا يخفى ما فيه . وأخرج ابن أبى شيبة . وغيره عن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ " ( فسيرى الله عملكم ( أى فسيظهره ) وستردون ( أى بعد الموت إلى علم الغيب ) ومنه ما سترونه من الأعمال ) والشهدة ) ومنها ما تظهرونه ، وفي ذكر هذا العنوان من تهويل الأمر وتربية المهابة مالا يخفى. فين بعد الرد الذى هو عبارة عن الأمر الممتد وبما كنتم تعملون ١٠٥) قبل ذلك في الدنياء الانباء مجاز عن المجازاة أو كناية أى يجازيكم . حسب ذلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر ففى الآية وعد ووعيد . وَاخَرُونَ ) عطف على آخرون قبله أى ومنهم قوم آخرون غير المعترفين المذكورين ( مرجون ) أى مؤخرون وموقوف أمرهم ( لأمر الله كم أى إلى أن يظهر أمر الله تعالى في شأنهم . وقرأ أهل المدينة . والكوفة غير أبى بكر (مرجون) بغير همز والباقون (مرجئون) بالهمزو هما لغتان يقال: أرجئته وأرجيته كأعطيته، ويحتمل أن يكون الياء بدلا من الهمزة كقولهم: قرأت وقريت و توضأت و توضیت وهو في كلامهم كثير ، وعلى كونه لغة أصلية هو يائى ، وقيل : إنه واوى، ومن هذه المادة المرجئة أحدى فرق أهل القبلة وقد جاء فيه الهمز وتركه ، وسموا بذلك لتأخير هم المعصية عن الاعتبار في استحقاق العذاب حيث
صفحة:روح المعاني11.pdf/16
المظهر