تفسير قوله تعالى: (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة ( الخ ١٥ أو سميع يجيب دعاءك لهم عليم بما تقتضيه الحكمة، والجملة حينئذ تذييل للتمليل مقرر المضمونه وعلى الأول 1
التخصيص تذييل لما سبق من الآيتين محقق لما فيهما ) الم يعلموا ( الضمير إما للمتوب عليهم والمراد تمكين قبول توبتهم في قلوبهم والاعتداد بصدقاتهم وإما لغيرهم والمراد التحضيض على التوبة والصدقة والترغيب فيهما * وقرى (تعلوا) بالتاء و هو على الاول التفات وعلى الثاني بتقدير قل، وجوز أن يكون الضمير للتائبين و غير هم على أن يكون المقصود التمكين والتحضيض لا غير ، واختار بعضهم كونه للغير لا غير لما روى انه لما نزلت توبة هؤلاء التائبين قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين هؤلاء كانوا معنا بالأمس لا يكلمون ولا يجالسون فما لهم اليوم فنزلت ، و يشعر صنيع الجمهور باختيار الاول وهو الذى يقتضيه سياق الآية، والخبر لم نقف على سند له يعول عليه أى ألم يعلم هؤلاء التائبون ) أن الله هو يقبل التوبة ) الصحيحة الخالصة ( عن عباده ) المخلصين فيها، وتعدية القبول بعن لتضمنه معنى التجاوز والعفو أى يقبل ذلك متجاوزا عن ذنوبهم التي تابوا عنها، وقيل: عن بعنى من والضمير إما للتأكيد أوله مع التخصيص بمعنى ان الله سبحانه يقبل التوبة لاغيره أى انه تعالى يفعل ذلك البتة لما قرر ان ضمير الفصل يفيد ذلك والخبر المضارع من مواقعه ، وجعل بعضهم | بالنسبة الى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أى أنه جل وعلا يقبل التوبة لا رسوله عليه الصلاة والسلام لان كثرة رجوعهم اليه مظنة لتوهم ذلك ، والمراد بالعباد إما أولئك التائبون ووضع الظاهر موضع الضمير الاشعار بعلية ما يشير اليه القبول واما كافة العباد وهم داخلون في ذلك دخولا أوليا وياخذ الصدقات ) أى يقبلها قبول من يأخذ شيئا ليؤدى بدله فالأخذ هنا استعارة للقبول، وجوز أن يكون اسناد الاخذ إلى الله تعالى مجازا مرسلا، وقيل: نسبة الاخذ الى الرسول في قوله سبحانه: (خذ ) ثم نسبته الى ذاته تعالى اشارة الى ان أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام قائم مقام أخذ الله تعالى تعظيما لشأن نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم كما في قوله تعالى : ( إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله ) فهو على حقيقته وهو معنى حسن إلا أن فى لا يخفى، والمختار عندى ان المراد بأخذ الصدقات الاعتناء بأمرها و وقوعها عنده سبحانه موقعا حسنا، وفي التعبير به ما لا يخفى من الترغيب . وقد أخرج عبدالرزاق عن أبى هريرة أن الله تعالى يقبل الصدقة اذا كانت من طيب ويأخذها بيمينه وان الرجل ليتصدق بمثل اللقمة فيربيها له كما يربى أحدكم فصيله أو مهره فتربو في كف الله تعالى حتى تكون مثل أحد . وأخرج الدار قطى فى الأفراد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تصدقوا فان أحدكم يعطى اللقمة أو الشيء فيقع في يد الله عز وجل قبل أن يقع في يد السائل ثم تلا هذه الآية . وفى بعض الروايات ما يدل على أنه ليس هناك أخذ حقيقة، فقد أخرج ابن المنذر. وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة طيبة من كسب طيب ولا يقبل الله تعالى إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب فيضعها في حق الاكانت كأنما يضعها في يد الرحمن غير بيها له كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى ان اللقمة أو التمرة لتأتى يوم القيامة مثل الجبل العظيم» . و تصديق ذلك في كتاب الله تعالى ألم يعلموا ان الله يقبل التوبة الآية . و (أل) في الصدقات يحتمل أن تكون عوضا عن المضاف اليه أى صدقاتهم وان تكون للجنس أي جنس الصدقات المندرج فيه صدقاتهم اندراجا أوليا وهو الذى يقتضيه ظاهر الاخبار وأن الله هو التواب الرحيم ٤ ١٠) تأكيد لما اعطف عليه وزيادة
دعوی الحقيقة ما