انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١٠
تفسير روح المعاني

١٠ تفسیر روح المعاني اسلم سالمها الله تعالى و غفار غفر الله لها أما إني لم أقلها لكن قالها الله تعالى ، وأجيب بأن ذلك باعتبار الاغلب منهم ( وَمَنْ أَهل المدينة } عطف على ممن حولكم) فيكون كالمعطوف عليه خبرا عن المنافقون - كانه قيل: المنافقون من قوم حولكم ومن أهل المدينة ، وهو من عطف مفرد على مفرد ويكون قوله سبحانه : مردُوا عَلَى النفاق ) جملة مستأنفة لا محل لها من الاعراب مسوقة لبيان غلوهم في النفاق إثر بيان اتصافهم به أو صفة المنافقون ، واستبعده أبو حيان بأن فيه الفصل بين الصفة و موصوفها ، وجوز أن يكون (من أهل المدينة) خبر مقدم والمبتدأ بعده محذوف قامت صفته مقامه والتقدير ومن أهل المدينة قوم مردوا ، وحذف الموصوف وإقامة صفته مقامه إذا كان بعض اسم مجرور بمن او فى مقدم عليه مقيس شائع نحو منا أقام ومنا ظمن ، وفي غير ذلك ضرورة أو نادر، ومنه قول سحيم : - أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونى على أحد التأويلات فيه، وأصل المرود على ما ذكره على بن عيسى الملاسة ومنه صرح مرد ، والأمرد الذى لا شعر على وجهه ، والمرداء الرملة التي لا تنبت شيئاً ، وقال ابن عرفة : أصله الظهور ومنه قولهم: شجرة مردا. إذا تساقط ورقها وأظهرت عيد انها، وفي القاموس مرد كنصر وكرم مرودا ومرودة ومرادة فهو مارد ومريد و متمرد أقدم وعنا أو هو أن يبلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف ، وفسروه بالاعتياد والتدرب في الامر حتى يصير ماهرا فيه وهو قريب مما ذكره في القاموس من بلوغ الغاية ، ولا يكاد يستعمل الا في الشره وهو على الوجهين الاولين شامل للفريقين حسب شمول النفاق وعلى الوجه الاخير خاص بمنافقى أهل المدينة واستظهر ذلك ، وقيل : إنه الانسب بذكر منافقى أهل البادية أولا ثم ذكر منافقى الاعراب المجاورين ثم ذكر منافقي أهل المدينة ويبقى على هذا أنه لم يبين مرتبة المجاورين فى النفاق بخلافه على تقدير شميله للفريقين ؟ ثم لا يخفى أن التمرد على النفاق إذا اقتضى الأشدية فيه أشكل عليه تفسير هم المفضل في قوله سبحانه: (الأعراب أشد كفرا ونفاقا بأهل الحضر ، ولعل المراد تفضيل المجموع على المجموع او يلتزم عدم الاقتضاء . وقوله تعالى : (لا تعلمهم ) بيان لتمردهم أى لا تعرفهم أنت بعنوان نفاقهم يعنى أنهم بلغوا من المهارة في النفاق والتنوق في مراعاة التقية والتحامى عن مواقع التهم إلى حيث يخفى عليك مع كمال فطنتك وصدق فراستك حالهم ، وفى تعليق في العلم بهم مع أنه متعاق بحالهم مبالغة فى ذلك وإيماء إلى أن ما هم عليه من صفة النفاق لعراقتهم ورسوخهم فيها صارت بمنزلة ذاتياتهم أو مشخصاتهم بحيث لا يعد من لا يعرفهم بتلك الصفة عالمابهم، ولا حاجة في هذا المعنى إلى حمل العلم على المتعدى لمفعولين وتقدير المفعول الثانى أى لا تعلمهم منافقين، وقيل: المراد لا تعرفهم بأعيانهم وإن عرفتهم إجمالا، وما ذكرناه لما فيه من المبالغة مافيه أولى وحاصله لا تعرف نفاقهم ( نحن نعلمهم ) أي نعرفهم بذلك العنوان وإسناد العلم بمعنى المعرفة اليه تعالى مما لا ينبغي أن يتوقف فيه وإن وهم فيه من وهم لاسيما إذا خرج ذلك مخرج المشاكلة ، وقد فسر العلم هنا بالمعرفة ابن عباس رضى الله تعالى عنها لما أخرجه عنه أبو الشيخ * نعم لا يمتنع حمله على معناه المتبادر بالا يمتنع حمله على ذلك فيما تقدم لكنه محوج إلى التقدير و عدم التقدير أولى من التقدير والجملة تقرير لما سبق من مهارتهم في النفاق أى لا يقف على سرائرهم المركوزة فيهم إلا من لا تخفى عليه خافية