٩٨ تفسير روح المعاني وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) الله تعالى ويخافون عقابه فلا يفعلون ما فعل هؤلاء (أَفَلَا تَعْقِلُونَ ١٦٩) فتعلموا ذلك ولا تستبدلوا الأدنى المؤدى الى العذاب بالنعيم المقيم ، وهو خطاب لأولئك المأخوذ عليهم الميثاق الآخذين لعرض هذا الأدنى ؛ وفي الالتفات تشديد للتوبيخ ، وقيل : هو خطاب للمؤمنين و لا التفات فيه . وقرأ جمع بالياء على الغيبة وبالتاء وقرأ نافع وابن عامر . وابن ذكوان. وأبو جعفر، وسهل. ويعقوب. وحفص. وهذه الآية ظاهرة في التوبيخ على الأخذ ، وجعل بعضهم قوله سبحانه: ( ألم يؤخذ عليهم) الخ توبيخا على ذلك القول ففي الآية ما هو من قبيل ما فيه اللف والنشر والذينَ يمسكون بالكتب) أي يتمسكون به في أمور دينهم يقال : مسك بالشيء وتمسك به بمعنى ، قال مجاهد . و ابن زيد : هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه تمسكوا بالسكتاب الذى جاء به موسى عليه السلام فلم يحرفوه ولم يكتموه ولم يتخذوه مأكلة وقال عطاء : هم أمة محمد والمراد من الكتاب القرآن الجليل الشأن ، وقرأ أبو بكر . وحماد (يمسكون) بالتخفيف من الامساك ، وابن مسعود ( استمسكوا ) ، وأبى (مسكوا ) وفي ذلك موافقة لقوله تعالى : وَأَقَامُوا الصَّلوة ) ولعل التغيير في المشهور للدلالة على أن التمسك أمر مستمر في جميع الأزمنة بخلاف الاقامة فانها مختصة بالأوقات المخصوصة ، وتخصيصها بالذكر من بين سائر العبادات مع دخولها بالتمسك بالكتاب لا نافتها عليها لأنها عماد الدين ، ومحل الموصول إما الجر عطفا على الذين يتقون ، وقوله تعالى : (أفلا تعقلون) اعتراض مقرر لما قبله ، والاعتراض قد يقرن بالفاء كقوله : فاعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا oko 37 وإما الرفع على الابتدا مو الخير قوله سبحانه: (إنا لا نضيع أجر المصلحين ١٧٠) والرابط إما الضمير المحذوف كما هو رأي جمهور البصريين أى أجر المصلحين منهم وإما الألف واللام كما هو رأى الكوفيين فانها كالعوض عن الضمير فكأنه قيل مصلحيهم ، وأما العموم فى المصلحين فإنه على المشهور من الروابط ومنه نعم الرجل زيد على أحد الأوجه أو وضع الظاهر موضع المضمر بناء على أن الأصل لا نضيع أجرهم إلا أنه غير لما ذكر تنبيها على أن الصلاح كالمانع من التضييع لأن التعليق بالمشتق يفيد علية مأخذ الاشتقاق فكأنه قيل: لا نضيع أجر هم اصلاحهم . وقيل : الخبر محذوف والتقدير والذين يمسكون بالكتاب مأجورون أو مثابون ، وقوله سبحانه : (إنا لا نضيع) الخ حينئذ اعتراض مقرر لما قبله ) وإذ تتقنا الجبل فوقهم ) عطف على ما قبل بتقدير اذكر والنتق الرفع كما روى عن ابن عباس . واليه ذهب ابن الاعرابي ، وعن أبي مسلم أنه الجذب ، ومنه نتقت الغرب من البئر ، وعن أبي عبيدة أنه القلع وماروى عن الحبر أوفق بقوله سبحانه : ( ورفعنا فوقهم الطور) وعلى القولين الأخير ين يضمن معنى الرفع ليتطابق الآيتان ، والمراد بالجبل الطور أو جبل غيره وكان فرسخاً في فرسخ لمعسكر القوم فامر الله تعالى جبريل عليه السلام لما توقفوا عن أخذ التوراة وقبولها إذ جاءتهم جملة مشتملة على ما يستثقلونه فقلعه من أصله ورفعه عليهم كانه ظالة ( أى غمامة أو سقيفة ؛ وفسرت بذلك مع أنها كل ما علا وأظل لأجل حرف التشبيه إذ لولاه لم يكن لدخوله وجه و(فوق) ظرف لنتقنا أو حال
صفحة:روح المعاني09.pdf/98
المظهر