٩٢ تفسير روح المعاني محذوف أى موعظتنا معذرة اليه تعالى حتى لا ننسب إلى نوع تفريط فى النهي عن المنكر ولعلهم يتقون) عطف على معذرة أى ورجاء أن يتقوا بعض التقاة فان اليأس المحقق لا يحصل إلا بالهلاك ، قال شيخ الاسلام : وهذا صريح في أن القائلين لم تعظون الخ ليسوا من الفرق الهالكة وإلا لوجب الخطاب اه . وقد يوجه ذلك على ذلك القول بأنه التفات أو مشاكلة لتعبير هم عن أنفسهم في السؤال بقوم وإما لجعله tex. باعتبار غير الطائفة القائلين إلا أن كل ذلك خلاف الظاهر فلما نسوا ما ذكروا به ) أى تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسى للشيء وأعرضوا عنه إعراضا كليا ، فما موصولة وجوز أن تكون مصدرية ، وهو خلاف الظاهر . والنسيان مجاز عن الترك، واستظهر أنه استعارة حيث شبه الترك بالنسيان بجامع عدم المبالاة ، وجوز أن يكون مجازا مرسلا لعلاقة السببية ، ولم يحمل على ظاهره كما قال بعض المحققين لأنه غير واقع ولأنه لا يؤاخذ بالنسيان ولأن الترك عن عمد هو الذى يترتب عليه انجاء الناهين في قوله سبحانه وتعالى : ) أنجينا الذين ينهون من السوء ) إذ لم يمتثلوا أمرهم بخلاف مالونسوه فانه كان يلزمهم تذكيرهم وظاهر عن ا الآية ترتب الانجاء على النسيان وهو في الحقيقة مرتب على النسيان والتذكير، وما فى حيز الشرط مشير اليهما فكأنه قيل : فلما ذكر المذكرون ولم يتذكر المعتدون وأعرضوا عما ذكروا به أنجينا الأولين وأخذنا الآخرين، وعنوان النهي عن السوء شامل للذين قالوا لم تعظون الخ وللمقول لهم ذلك ، أما شموله للمقول لهم فواضح وأما شموله للقائلين فلانهم نهوا أيضا إلا أنهم رأوا عدم النفع فكفوا وذلك لا يضرهم فقد نصوا على أنه إذا علم الناهي حال المنهى وأن النهى لا يؤثر فيه سقط عنه النهى وربما وجب الترك على ما قال الزمخشري لدخوله في باب العبث ، ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على الطريق لأخذ أموال الفقراء وغيرهم بغير حق لتعظيم وتكفهم عما هم عليه كان ذلك عبثا منك ولم يكن الاسبيا للتلهى بك ، ولم يعرض أولئك ما أعرض هؤلاء لعدم بلوغهم في اليأس ما بلغ إخوانهم أو لفرط حرصهم وجدهم في أمرهم كما وصف الله تعالى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم) . وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال : لا أدرى مافعلت الفرقة الساكنة وعنى بهم القائلين ومنشأ قوله هذا ما نطقت به بعض الروايات أنه سمع قوله سبحانه : (أنجينا الذين ينهون عن السوء) وقوله جل وعلا: ( وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلوا ) أى بالاعتداء ومخالفة الأمر ولم يغص رضى الله تعالى عنه مع أنه الغواص فقال له عكرمة : جعلني الله فداك ألا تراهم كيف أنكروا وكرهوا ما القوم عليه وقالوا ما قالوا وإن لم يقل الله سبحانه أنجيتهم لم يقل أهلكتهم فأعجبه قوله وأمر له ببردين وقال: نجت الساكتة ، ونسب الطبرسي اليه رضى الله تعالى عنه قولين آخرين فى الساكنة أحدهما القول بالتوقف وثانيهما القول بالهلاك وبه قال ابن زيد ، وروى عن أبي عبد الله رضى الله تعالى عنه فالمأخوذ حينئذ الساكتون والظالمون (بعذاب بنيس) أي شديد وفسره الحبر بما لا رحمة فيه ويرجع إلى ماذكر، وهو فعيل إما وصف أو مصدر كالتكير وصف به مبالغة ، والأكثرون على كونه وصفا من بؤس يبوس بأسا إذا اشتد *
صفحة:روح المعاني09.pdf/92
المظهر