انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٩١

تفسير قوله تعالى : (وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم الخ ٩١ منها ، والاشارة اما إلى الابتلاء السابق أو إلى الابتلاء المذكور بعد كما مر غير مرة ؛ وقيل : الاشارة إلى الاتيان يوم السبت وهى متصلة بما قبل أى لا تأتيهم كذلك الاتيان يوم السبت ، والكاف في موضع نصب على الحال عند الطبرسي، وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع صفة لمصدر مقدر أي اتيانا كائناً كذلك ، وجملة نبلوهم استئناف مبنى على السؤال عن حكمة اختلاف حال الحيتان بالاتيان تارة وعدمه أخرى بما كانوا يفسقون) أى بسبب فسقهم المستمر فى كل ما يأتون ويذرون ، وهو متعلق بما عنده ، وتعاق إذ يعدون بذيلو هم وبما يعدون على معنى نبلوهم وقت العدوان بالفسق مما لا ينبغى تخريج كتاب الله تعالى الجليل عليه وإذ قالت عطف على إذ يعدون مسوق لبيان تماديهم في العدوان وعدم انزجارهم عنه بعد العظات والإنذارات * قال العلامتان الطيبي والتفتازاني : ولا يجوز أن يكون معطوفا على إذ تأتيهم وإن كان أقرب لفظ لأنه إما بدل او ظرف فيلزم أن يدخل هؤلاء القائلون فى حكم أهل العدوان وليس كذلك ، وهذا على ما قيل على تقدير الظرفية ظاهر، وأما على تقدير الإبدال فلان البدل أقرب الى الاستقلال ، واستظهر في بيان وجه ذلك ان زمان القول بعد زمان العدوان ومغاير له واعتبار كونه ممتدا كسنة مثلا يقع فيه ذلك كله تكلف من غير مقتض ، والقول بأن العطف على ذاك يشعر أو يوهم أن القائلين من العادين فى السبت لا من مطلق أهل القرية فيه ما فيه أمة منهم أى جماعة من صلحاتهم الذين لم يألوا جهدا فى عظتهم حين ينسوا من احتمال القبول لآخرين لم يقلعوا عن التذكير رجاء النفع والتأثير لم تَعظُونَ قوما الله مهلكهم ) أى مستأصلهم بالكلية و مطهر وجه الأرض منهم أو معذبهم عذاباً شَديدا ) دون الاستئصال بالمرة ، وقيل مهلكهم في الدنيا أو معذبهم في الآخرة لعدم إقلاعهم عما هم عليه من الفسق والترديد لمنع الخلو على هذا ، وإيثار صيغة اسم الفاعل في الشقين للدلالة على تحقق كل من الاهلاك والتعذيب وتقررها البتة كأنهما واقعان، وإنما قالوا ذلك مبالغة في أن الوعظ لا ينجع فيهم إذ المقصود لا تعظوا أو أتعظون فعدل عنه إلى السؤال عن السبب لاستغرابه لأن الأمر العجيب لا يدرى سببه أو سؤالا عن حكمة الوعظ و نفعه ، وقيل : إن هذا تقاول وقع بين الصلحاء الواعظين كأنه قال بعضهم لبعض: لم نشتغل بما لا يفيد ، ويحتمل على كلا القولين أن ذلك صدر من القائل بمحضر من القوم فيكون متضمنا لحثهم على الاتعاظ فان بت القول بهلاكهم أو عذابهم مما يلقى في قلوبهم الخوف والخشية ، وقيل قائلو ذلك المعتدون في السبت قالوا: تهكما بالناصحين المخوفين لهم بالهلاك والعذاب ، وفيه بعد كما ستقف عليه قريبا إن شاء الله تعالى (قالوا أى المقول لهم ذلك معذرة إلى ربكم أى نعظهم معذرة اليه تعالى على أنه مفعول له وهو الأنسب بظاهر قولهم : لم تعظون أو نعتذر معذرة على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف ، وقيل : هو مفعول به للقول وهو و إن كان مفردا في معنى الجملة لأنه الكلام الذى يعتذر به . والمعذرة في الأصل بمعنى العذر و هو التنصل من الذنب ، وقال الأزهري : إنه بمعنى الاعتذار ، وعداه بالى لتضمنه معنى الانهاء والابلاغ، وفى إضافة الرب إلى ضمير المخاطبين نوع تعريض بالسائلين، وهذا الجواب على القولين الأولين ظاهر وعلى الأخير قيل إنه من تلقى السائل بغير ما يترقب فهو من الأسلوب الحكيم، وقرأ من عدا حفص والمفضل (معذرة) بالرفع على أنه خبر مبتدا .