تفسير قوله تعالى : (وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا) الخ ٨٩ وقيل: إنه اكتفى بالتعبير باسكنوا عن ذكره لأن الاكل المستمر من غير مزاحم لا يكون الا رغدا واسعا ، والى الأول ذهب صاحب اللباب ، ويرد على القولين أنه ذكر ( رغدا ) مع الامر بالسكنى في قصة آدم عليه السلام ، ولعل الامر في ذلك سهل ( وَقُولُوا حَطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ) من الكلام فيه في البقرة غير أن ما فيها عكس ما هنا في التقديم والتأخير ولا ضير في ذلك لأن المأمور به هو الجمع بين الأمرين من غير اعتبار الترتيب بينهما ، وقال القطب : فائدة الاختلاف التنبيه على حسن تقديم كل من المذكورين على الآخر لأنه لما كان المقصود منهما تعظيم الله تعالى واظهار الخشوع والخضوع لم يتفاوت الحال في التقديم والتأخير ( تغفر لكم خطيا تكم) جزم في جواب الامر. وقرأ نافع ، وابن عامر. ويعقوب (تغفر) بالتاء والبناء للمفعول و (خطيا تكم) بالرفع والجمع غير ابن عامر فانه وحد ، وقرأ أبو عمر و (خطايا كم) كما في سورة البقرة ، وبين القطب فائدة الاختلاف بين ما هناك على القراءة المشهورة بأنها الاشارة إلى أن هذه و بين ماهنا الذنوب سواء كانت قليلة أو كثيرة فهى مغفورة بعد الاتيان بالمأمور به ، وطرح الو او هنا من قوله سبحانه وتعالى: ال احمر و وداع o 0 سنزيد المحسنين (١٦) اشارة الى أن هذه الزيادة تفضل محض ليس في مقابلة ما أمروا به كما قيل والمراد أن امتثالهم جازاه الله تعالى بالغفران وزاد عليه وتلك الزيادة فضل محض منه تعالى فقد يدخل في الجزاء صورة لترتبه على فعلهم وقد يخرج عنه لأنه زيادة على ما استحقوه ، ولذا قرن بالسين الدالة على أنه وعد و تفضل ، ومفعول نزيد محذوف أى ثوابا وزيادة منهم في قوله تعالى شأنه : ( فَبَدَلَ الذِينَ ظَلَمُوا منهم ) لزيادة البيان أى بدل الذى ظلموا من هؤلاء بما أمروا به من التوبة والاستغفار حيث أعرضوا عنه ووضعوا موضعه وقولا به آخر ما لا خير فيه وغير الذى قيل لهم وأمروا بقوله و(غير ) نعت للقول وصرح بالمغايرة مع دلالة التبديل عليها تحقيقا للمخالفة وتنصيصا على المغايرة من كل وجه ( فارسلنا عليهم ) اثر ما فعلوا ما فعلوا من غير تأخير ( رجزًا من السماء ) عذابا كائنا منها وهو الطاعون في رواية . بما كانُوا يَظْلِدُونَ (١٦٢ أى بسبب ظلمهم المستمر السابق واللاحق، وهذا بمعنى ما في البقرة لأن ضمير عليهم للذين ظلموا والارسال من فوق إنزال ، والتصريح بهذا التعليل لما أن الحكم ههنا مرتب على المضمر دون الموصول بالظلم كما في البقرة ، وأما التعليل بالفسق بعد الاشعار بعلية الظلم هناك فللايذان بأن ذلك فسق الطاعة وغلو في الظلم وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوا من القبائح كما قيل . وقال القطب في وجه المغايرة : إن الارسال مشعر بالكثرة بخلاف الانزال فكأنه أنزل العذاب القليل ثم جعل كثيرا و إن الفائدة فى ذكر الظلم والفسق فى الموضعين الدلالة على حصولهما فيهم معا ، وقد تقدم و خروج . عن •
لك في وجوه المغايرة بين آية البقرة وهذه الآية ما ينفعك تذكره فتذكر ( واسالهم ) عطف على اذكر المشار اليه فيما تقدم آنفاً ، والخطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وضمير الغيبة لمن بحضرته عليه الصلاة والسلام من نسل اليهود أى واسأل اليهود المعاصرين لك سؤال تقريع وتقرير بتقدم تجاوزهم لحدود الله تعالى ، والمراد اعلامهم بذلك لأنهم كانوا يخفونه ، وفى الاطلاع عليه مع كونه عليه الصلاة والسلام ليس (١٢ - ج ٩- تفسير روح المعانى )