انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٨٧

تفسير قوله تعالى : (و قطعناهم اثنى عشرة أسباطا أمام AV فم وأن اقترنت به همهمة شفتى الاخرس ولو لغير حاجة وإن فهم الفطن كلاما أو قصد محاكاة بعض أصوات الحيوانات إن لم يقصد التلاعب والا بطلت ، وينبغى التحرى فى هؤلاء القوم فان حالهم في ذلك متفاوت لكن أكثر ما شاهدناه على الطرز الذي ذكرناه ، وتمام الكلام فى هذا المقام يطلب من الكتب الفقهية . قال موسى : (رب) لو شئت أهلكتهم من قبل وإياى ) وذلك من شدة غلبته الشوق،و (لو) هذه للتمنى ، أتهلكنا بعذاب الحجاب والحرمان بما فعل السفهاء من عبادة العجل ان هى ا الا فتنتك لا مدخل فيها لغيرك ، وهذا مقتضى مقام تجلى الافعال، فاغفر لنا ذنوب صفاتنا وذواتنا كما غفرت ذنوب أفعالنا ، وارحمنا بافاضة أنوار شهودك ورفع حجاب الآنية بوجودك ، واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وهي حسنة الاستقامة بالبقاء بعد الفناء ، وفي الآخرة حسنة المشاهدة ، والكلام في بقية الكلام لا يخفى على من له أدنى ذوق . خلا أن بعضهم أول العذاب فى قوله سبحانه وتعالى : ( عذابي أصيب به من أشاء ) بعذاب الشوق المخصوص الذي يصيب أهل العناية من الخواص وهو الرحمة التى لا يكتنه كنهها ولا يقدر قدرها وإنها لأعز من الكبريت الاحمر ، وأهل الظاهر يرونه بعيداً والقوم يقولون نراه قريبا ، وقالوا : الامى نسبة إلى الأم لكن على حد أحمرى، وقيل : للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك لأنه أم الموجودات وأصل المكنونات ، واختير هذا اللفظ لما فيه من الاشارة إلى الرحمة والشفقة و هو الذى جاء رحمة للعالمين وإنه عليه الصلاة والسلام لأشفق على الخلق من الأم بولدها إذ له صلى الله تعالى عليه وسلم الحظ الاوفر من التخلق بأخلاق الله تعالى وهو سبحانه أرحم الراحمين ، وذكروا أن أتباعه من حيث النبوة الخواص ومن حيث الأمية خواص الخواص ومن حيث الرسالة هؤلاء المذكورون كلهم والعوام نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتباعه صلى الله تعالى عليه وسلم في سائر شؤونه . والمنام أي قوم موسى عليه السلام لا الامة المذكورة لما يوهمه القرب ( وقطع ) يقرأ مشدداً ومخففا ) والأول هو المتواتر ويتعدى لواحد وقد يضمن معنى صير فيتعدى لاثنين فقوله تعالى : (اثنتى عشرة ) حال أو مفعول ثان ، أي فرقناهم معدودين بهذا العدد أوصير ناهم اثنى عشرة أمة يتميز بعضها عن بعض ، وقوله سبحانه وتعالى : اسبطا ) كما قال ابن الحاجب في شرح المفصل بدل من العدد لا تمييز له والالم كانوا ستة وثلاثين ، وعليه فالتمييز محذوف أى فرقة أو نحوه ، قال الحوفى : إن صفة التمييز أقيمت مقامه والاصل فرقة اسباطا ، وجوز أن يكون تمييزاً لأنه مفرد تأويلا ، فقد ذكروا أن السبط مفردا ولد الولد أو ولد البنت أو الولد أو القطعة من الشئ أقوال ذكرها ابن الاثير ، ثم استعمل في كل جماعة من بني اسرائيل كالقبيلة في العرب، ولعله تسمية لهم باسم أصلهم كتميم ، وقد يطلق على كل قبيلة منهم أسباط أيضا ما غلب الانصار على جمع مخصوص فهو حينئذ بمعنى الحى والقبيلة فلهذا وقع موقع المفرد فى التمييز وهذا كما ثنى الجمع في قول أبي النجم يصف رمكة تعودت الحرب : تبقلت في أول التبقل بين رماحى مالك و نهشل و تأنيث اثتى مع أن المعدود مذكر و ما قبل الثلاثة يجرى على أصل التأنيث والتذكير لتأويل ذلك بمؤنث وهو ظاهر مما قررنا ، وقرأ الاعمش وغيره ( عشرة ( بكسر الشين وروى عنه فتحها أيضا والكسر لغة تميم والسكون لغة الحجاز، وقوله سبحانه : ( أمماً ) بدل بعد بدل من اثنتي عشرة لا من أسباط على تقدير أن