٨٤ تفسير روح المعاني من حرمان أسلاف كتب الرحمة والتقوى والإيمان بالآيات بمتبعى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قوم موسى عليه السلام من كل خير وبيان ان كلهم ليسوا ما حكيت أحوالهم بل منهم الموصوفون بكيت وكيت ، وصيغة المضارع الحكاية الحال الماضية . وأختار هذا شيخ الاسلام ولا يبعد عندى أن يكون ذلك بيانا لقسم آخر من القوم مقابل لماذكره . وسى عليه السلام في قوله: (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فيه تنصيص على أن من القوم من لم يفعل ، وقيل : أناس وجدوا على عهد نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم موصوفون بذلك كعبد الله بن سلام وأضرابه ورجحه الطيبي بأنه أقرب الوجوه ، وذلك أنه تعالى لما أجاب عن دعاء موسى عليه السلام بقوله تعالى: (فأكتبها) إلى قوله سبحانه: (الذين يتبعون الرسول النبي (الامى) الخ ثم أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصدع بمافيه تبكيت لليهود وتنبيه على افترائهم فيما يزعمونه فى شأنه عليه السلام مع إظهار النصفة وذلك بقوله تعالى: ( قل يا أيها الناس) الخ وقوله سبحانه : ( فامنوا) الخ عقب ذلك بقوله عز شأنه: (ومن قوم موسى) الخ، والمعنى أن بعض هؤلاء الذين حكينا عنهم ما حكينا آمنوا وأنصفوا من أنفسهم يهدون الناس إلى أنه عليه الصلاة والسلام الرسول الموعود ويقولون لهم هذا الرسول النبي الأمي الذي نجده مكتوبا عندنا في التوراة والانجيل ويعدلون في الحكم ولا يجورون ولكن أكثرهم ما أنصفوا ولبسوا الحق بالباطل وكتموه و جار وا فى الاحكام فيكون ذكر هذه الفرقة تعريضا بالأ كثره واعترض بأن الذين آمنوا من قوم موسى على عهد رسول الله كانوا قليلين ولفظ امته يدل على الكثرة ، وأيضا إن هؤلاء قد مر ذكرهم فيما سلف ، وأجيب بأن لفظ الأمة قد يطلق على القليل لاسيما إذا كان له شأن بل قد يطلق على الواحد إذا كان كذلك يا فى قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة وبأن ذكر هم هنا لما أشير اليه من النكتة لا يأبى ذكرهم فيما سلف لغير تلك النكتة وتكرار الشيء الواحد لاختلاف الاغراض سنة مشهورة فى الكتاب على أنه قد قيل : إنهم فيما تقدم قد وصفوا بما هو ظاهر في أنهم مهتدون وهنا قد وصفوا بما هو ظاهر في أنهم هادون فيحصل من الذكرين أنهم موصوفون بالوصفين . نعم يبقى الكلام في نكتة الفصل ولعلها لا تخفى على المتدبر ، وقيل هم قوم من بنى اسرائيل وجدوا بين موسى ونبينا محمد عليهما الصلاة والسلام وهم الآن موجودون أيضا ، فقد أخرج ابن جرير وغيره عن ابن جريج أنه قال: بلغني أن بني اسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثنى عشر سبط اتبرأ سبط منهم مماصنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم فتح الله تعالى لهم نفقا فى الارض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين فهم هنالك حنفاء يستقبلون قبلتنا، واليهم الاشارة كما قال ابن عباس يقوله تعالى : ( وقلنا من بعده لبنى اسرائيل اسكنوا الأرض فاذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ) وفسر وعد الآخرة بنزول عيسى عليه السلام وقال: إنهم ساروا في السرب سنة ونصفا وذكر مقاتل كما روى أبو الشيخ أن الله تعالى أجرى معهم نهر او جعل لهم مصباحا من نور بين أيديهم وأن أرضهم التي خرجوا اليها تجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطين وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أتاهم ليلة المعراج ومعه جبريل عليه السلام فآمنوا به وعليهم الصلاة ، وعن الكلبي والضحاك والربيع أنه عليه الصلاة والسلام عليهم الزكاة وعشر سور من القرآن نزلت بمكة و أمرهم أن يجمعوا ويتركوا السبت وأقرؤه سلام موسى عليه السلام فرد النبي عليه الصلاة والسلام السلام ، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه قال بينكم وبينهم نهر من رمل .
صفحة:روح المعاني09.pdf/84
المظهر