٨٢ تفسير روح المعاني أي قصدوا بنصره وجه الله تعالى واعلاء ظلمته فلا تكرار خلافا لمن توهمه واتبعوا النور الذي انزل معه ) وهو القرآن وعبر عنه بالنور لظهوره فى نفسه بالعجازه وإظهاره لغيره من الاحكام وصدق الدعوى فهو أشبه شيء بالنور الظاهر بنفسه والمظهر لغيره بل هو نور على نور والظرف أما متعلق بانزل والكلام على حذف مضاف أى مع نبوته أو ارساله عليه السلام لأنه لم ينزل معه وإنما نزل مع جبريل عليه السلام . نعم استنباؤه أو ارساله كان مصحوبا بالقرآن مشفوعا به وإما متعلق باتبعوا على معنى شاركوه في اتباعه وحينئذ لم يحتج إلى تقدير ، وقد يعلق به على معنى اتبعوا القرآن مع اتباعهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إشارة إلى العمل بالكتاب والسنة ، وجوز أن يكون فى موضع الحال من ضمير اتبعوا أى اتبعوا النور مصاحبين له في اتباعه وحاصله ما ذكر فى الاحتمال الثانى ، وأن يكون حالا مقدرة من نائب فاعل أنزل. وفي مجمع البيان أن مع بمعنى على وهو متعلق بأنزل ولم يشتهر وروى ذلك ، وقال بعضهم : هي هنا مرادفة لعندو هو أحد معانيها المشهورة إلا أنه لا يخفى بعده وإن قيل حاصل المعنى حينئذ أنزل عليه أولئك ) أي المنعوتون بتلك النعوت الجليلة و هم المفلحون ( أى هم الفائزون بالمطلوب لا المتصفون بأضداد صفاتهم ، وفي الاشارة إشاره إلى علية تلك الصفات للحكم ، وكاف البعد للايذان ببعد المنزلة وعلى الدرجة في الفضل والشرف ، والمراد من الموصول المخبر عنه بهذه الجملة عند ابن عباس رضى الله تعالى عنه اليهود الذين آمنوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقيل : ما يعمهم وغيرهم من أمته عليه الصلاة والسلام المتصفين بعنوان الصلة إلى يوم القيامة هر والاتصاف بذلك لا يتوقف على إدراكه صلى الله تعالى عليه وسلم كما لا يخفى وهو الأولى عندى * وادعى بعضهم أن المراد من الموصول فى قوله تعالى: (فسأكتبها للذين يتقون المعنى الأعم أيضا وجعله ابن الخازن قول جمهور المفسرين ، وفيه ما فيه ومما يقضى منه العجب كون المراد منه اليهود الذين كانوا في زمن موسى عليه السلام ، والجملة متفرعة على ما تقدم من نعوته صلى الله تعالى عليه وسلم الجليلة الشان ، وقيل : على كتب الرحمة لمن . ، وذكر شيخ الاسلام أنها تعليم لكيفية اتباعه عليه السلام وبيان على رتبة متبعيه واغتنامهم مغانم الرحمة الواسعة فى الدارين إثر بيان نعوته الجليلة والاشارة إلى إرشاده عليه الصلاة والسلام إياهم بما في ضمن ( يأمرهم) الخ ، وجعل الحصر المدلول عليه بقوله سبحانه : (أولئك هم المفلحون) بالنسبة إلى غيرهم من الأمم ثم قال : فيدخل فيهم قوم موسى عليه السلام دخولا أوليا حيث لم ينجوا عما في توبتهم من ا المشقة الهائلة : ، وهو مبنى على ما سلكه فى تفسير الآيات من أول الأمر ولا يصفو عن كدر (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ الله إليكم جميعاً ) لما حكى ما في الكتابين من نعوته صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف من يتبعه على ما عرفت ، أمر عليه الصلاة والسلام بأن يصدع بما فيه تبكيت لليهود الذين حرموا اتباعه وتنبيه لسائر الناس على افتراء من زعم منهم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم مرسل إلى العرب خاصة ، وقيل : إنه أمر له عليه الصلاة والسلام ببيان أن سعادة الدارين المشار اليهما فيما تقدم غير مختصة بمن اتبعه من أهل الكتابين بل شاملة لكل من يتبعه كائنا من كان وذلك ببيان عموم رسالته صلى الله تعالى عامة للثقلين كما نطقت به النصوص حتى صرحوا بكفر منكره وما هنا لا يأبى ذلك ، والمفهوم عليه وسلم وهى .
صفحة:روح المعاني09.pdf/82
المظهر