انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٨١

تفسير قوله تعالى : ( ويحل لههم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الخ ٨١ الرحمة التي وعد فيما سبق بكتبها إجمالا إذ ما أشارت اليه المتعاطفات من آثار الرحمة الواسعة ، وجوز كونه في محل نصب على أنه حال مقدرة من مفعول يجدونه أو من النبي أو من المستكن في مكتوبا ، وقيل : هو مفسر المكتوبا أى لما كتب، والمراد بالمعروف قيل الايمان ، وقيل : ما عرف في الشريعة، والمراد بالمنكر ضد ذلك ) ويحل لهم الطيبت ويحرم عليهم الخبنت ) فسر الاول بالاشياء التي يستطيبها الطبع كالشحوم، والثاني بالاشياء التي يستخبثها كالدم ، فتكون الآية دالة على أن الاصل فى كل ما تستطيبه النفس ويستلذه الطبع الحل وفى كل ما تستخبئه النفس ويكرهه الطبع الحرمة الا لدليل منفصل ، وفسر بعضهم الطيب بمسا طاب في حكم الشرع والخبيث بما خبث فيه كالربا والرشوة . وتعقب بأن الكلام حينئذ يحل ما يحكم بحله ويحرم ما يح ما يحكم بحرمته ولا فائدة فيه . وردوه بأنه يفيد فائدة وأى فائدة لأن معناه أن الحل والحرمة بحكم الشرع لا بالعقل والرأى ، وجوز بعضهم كون الخبيث بمعنى ما يستخبث طبعا أو ماخبث شرعا و قال كالدم أو الربا ومثل للطيب بالشحم وجعل ذلك مبنيا على اقتضاء التحليل سبق التحريم والشحم كان محرما عند بنى اسرائيل، وعلى اقتضاء التحريم سبق التحليل وجعل الدم وأخيه مما حرم على هذا لأن الأصل في الاشياء الحل ، ولا يرد (أحل الله البيع وحرم الربا ( لأنه لود قولهم ( إنما البيع مثل الربا ) أو لأن المراد ابقاؤه على حله لمقابلته بتحريم الربا ، ودفع بهذا ما توهم من عدم الفائدة ويضع عنهم إصرهم والاغلل التي كانت عليهم أى يخفف عنهم ما كلفوه من التكاليف الشاقة كقطع موضع النجاسة من الثواب أو منه ومن البدن، واحراق الغنائم ، وتحريم السبت ، وقطع الاعضاء الخاطئة ، وتعين القصاص في العمد والخطأ من غير شرع الدية فانه وأن لم يكن مأمورا به في الألواح الا أنه شرع بعد تشديدا عليهم على ما قيل ، وأصل الاصر الثقل الذى يأصر صاحبه عن الحراك ، والاغلال جمع غل بضم الغين وهي في الاصل كما قال ابن الاثير الحديدة التي تجمع يد الاسير إلى عنقه ويقال لها جامعة أيضاً ، ولعل غير الحديد إذا جمع به يد إلى عنق يقال له ذلك أيضا ، والمراد منهما هنا ما علمت وهو المأثور عن كثير من السلف ، ولا يخفى ما في الآية من الاستعارة . وجوز أن يكون هناك تمثيل ، وعن عطاء كانت بنو اسرائيل إذا قامت تصلى لبسوا المسوح وغلوا أيديهم إلى أعناقهم وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها على السارية يحبس نفسه على العبادة وعلى هذا فالاغلال يمكن أن يراد حقيقته ، وقرأ ابن عامر ) آصار هم ) على الجمع وقرأ ( أصرهم) بالفتح على المصدر وبالضم على الجمع أيضا ( فالذينَ آمَنُوا به ( أى صدقوا برسالته ونبوته ( وعزروه ) أى عظموه و و قروه كما قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ، وقال الراغب : التعزير النصرة مع التعظيم ، والتعزير الذى هو دون الحمد اليه لأنه تأديب والتأديب نصرة لأن اخلاق السوء اعداء ولذا قال في الحديث: « انصر يرجع أخاك ظالما أو مظلوما فقيل كيف أنصره ظالماء فقال عليه الصلاة والسلام: تكفه عن الظلم ، وأصله عند غير واحد المنع والمراد منعوه حتى لا يقوى عليه عدو، وقرئ (عزروه) بالتخفيف ونصروه ) على أعدائه في الدين وعطف هذا على ما قبله ظاهر على ماروى عن الحبر وكذا على ما قاله الجمع إذ الاول عليه من قبيل درء المفاسد وهذا من قبيل جلب المصالح ، ومن فسر الاول بالتعظيم مع التقوية أخذا من كلام الراغب قال هنا نصروه لى (م) -١١-ج- ٩ - تفسير روح المعاني)