انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٧٨
تفسير روح المعاني

VA هذا الطلب لهم . من تفسير روح المعانى أوتى خير اشاء فلا يتعين قد يقال : إن موسى عليه السلام إنما طلب على أبلغ وجه المغفرة والرحمة الدنيوية والاخروية له ولقومه وتعليل ذلك بالتوبة مما لاشك في صحته ، ولا يفهم من كلامه عليه السلام أنه طلب للقوم كيف كانوا وفى أى حالة وجدوا وعلى أي طريقة سلكوا فان ذلك مما لا يكاد يقع عن له أدنى معرفة بربه فضلا عن مثله عليه السلام ، وإنما حيث إنهم تائبون راجعون اليه عز شأنه، ولا يبعد أن يقال باستجابة دعائه بذلك بل هى أمر مقطوع به بالنسبة اليه صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكيف يشك فى أنه غفر له ورحم وأوتى خير الدارين وهو - هو - وأما بالنسبة إلى قومه فالظاهر أن التائب منهم الآخرة لأن هذه التوبة إن كانت هي التوبة بالقتل فقد جاء عن الزهرى أن الله تعالى أوحى إلى موسى بعد أن كان ما كان ما يحزنك ؟ أما من قتل منكم في يرزق عندى وأما من بقى فقد قبلت توبته فسر بذلك موسى وبنو اسرائيل، وإن كانت غيرها فمن المعلوم أن التوبة تقبل بمقتضى الوعد المحتوم ، وخير من قبلت توبته في الآخرة كثير ، وأما خير الدنيا فقد نطقت الآيات بأن القوم غرقى فيه ، ويكفي في ذلك قوله تعالى : ( يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين ) . وحينئذ فيمكن أن يقال فى توجيه الجواب : أنه سبحانه لما رأى من موسى عليه السلام شدة القلق والاضطراب ولهذا بالغ فى الدعاء خشية من طول غضبه تعالى على من يشفق عليه من ذلك سكن جل شأنه روعته وأجاب طلبته بأسلوب عجيب ، وطريق بديع غريب فقال سبحانه له : ( عذابي ) أي الذي تخشى أن تصيب بعض نباله التي أرميها بيد جلالي عن قسى ارادتى من دعوت له أصيب به من قومك الذين تخشى عليهم ما تخشى لأن يكون غرضا له بعد أن تابوا من الذنب وتركوا فعله ( ورحمتى وسعت كل شئ ) إنسانا كان أو غيره مطيعا كان أو غيره فما من شئ إلا وهو داخل فيها سابح في تيارها أو سايح في فيافيها بل ما من معذب إلا ويرشح عليه ما يرشح منها ولا أقل من انى لم أعذبه بأشدهمها هو فيه مع قدرتى عليه قطب نفسا وقرعينا فدخول قومك فى رحمة وسعت كل شئ ولم تضق عن شيء أمر لاشك فيه ولا شبهة تعتريه كيف وقد هادوا إلى ووفدوا على أفترى أنى أضيق الواسع عليهم وأوجه نبال الخيبة اليهم وأردهم بخفي حنين فيرجع كل منهم صفر الكفين ؟ لا أراني أفعل بل إلى سأرحمهم وأذهب عنهم ما أهمهم وأكتب الحظ الاوفر من رحمتى لا خلافهم الذين يأتون آخر الزمان ويتصفون بما يرضيني ويقومون بأعباء ما يراد منهم، والى ذلك الاشارة بقوله سبحانه : ( فسأكتبها للذين يتقون ) الخ، ولعل تقديم وصف العذاب دون وصف الرحمة ليفرغ ذهنه عليه السلام مما يخاف منه مع أن في عكس هذا الترتيب ما . النظم الكريم ، ووصف أخلاقهم بما وصفوا به لاستنهاض همهم إلى الاتصاف بما يمكن اتصافهم به منه أو الى الثبات عليه ، ولم يصرح فى الجواب بحصول السؤال بأن يقال : قد أو تيت سؤلك ياموسى مثلا اختيارا لما هو أبلغ فيه، وهذا الذي ذكرناه وإن كان لا يخلو عن شيء الا أنه أولى من كثير مما وقفنا عليه كلام المفسرين وقد تقدم بعضه، وأقول بعد هذا كله خير الاحتمالات ما تشهد له الآثار و إذا صح الحديث فهو مذهبي فتأمل . والسين في (سأكتبها ) يحتمل أن تكون للتأكيد ، و يحتمل أن تكون للاستقبال كما لا يخفي وجهه على ذوي الكمال ) الذين يتبعون الرسول ) الذى أرسله الله تعالى التبليغ الاحكام ( النبي من يوجب انتشار ...