تفسير قوله تعالى: (فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة) الخ VV حيث قال : (واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة ) أى خصلة حسنة عارية عن المشقة والشدة فان في القتل من العذاب الشديد ما لا يخفى فاجابه سبحانه بأن عذابي أصيب به من أشاء وقومك ممن تناولته شيئتي ولذلك جعلت توبتهم مشوبة بالعذاب الدنيوى ورحمتي وسعت كل شيء وقد نال قومك نصيب منها في ضمن العذاب الدنيوي وسأكتب الرحمة خالصة غير مشوبة بالعذاب الدنيوى كما دعوت لمن صفتهم كيت وكيت لا لقومك لأنهم ليسوا كذلك فيكفيهم ماقدر لهم من الرحمة وإن كانت مقارنة العذاب، وعلى هذا فموسى عليه السلام لم يستجب له سؤاله في قومه ومن الله تعالى بما سأله على من آمن بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم * و في بعض الآثار أنه عليه السلام لما أجيب بماذكر قال: أتيتك يارب بوفد من بنى اسرائيل فكانت وفادتن الغيرنا. وعن ابن عباس رضی الله تعالى عنهما دعا موسى ربه سبحانه فيجعل دعاءه لمن آمن بمحمد عليه الصلاة والسلام واتبعه ، وفي رواية اخرى رواها . عنه سأل جمع موسى ربه مسألة فاعطاها محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم وتلا الآية، لكن لا يخفى أن ما قرره هذا الشيخ بعيد . وقال صاحب الكشف فى ذلك : كأنه الماسأل . موسى عليه السلام لنفسه ولقومه خير الدارين أجيب بأن عذابي لغير التائبين ان شئت ورحمتى الدنيوية تعم التائب وغيره وأما الجمع بين الرحمتين فهو للمستعدين فان تاب من دعوت لهم وثبتوا كأعقابهم نالتهم الرحمة الخاصة الجامعة وأثر فيهم دعاؤك وإن داوموا على ماهم فيه بعدوا عن القبول ، والغرض ترغيبهم على الثبات على التوبة والعمل الصالح وتحذيرهم عن المعاودة عما فرط منهم مع التخلص إلى ذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والحث على اتباعه أحسن تخلص وحث يحير الالباب ويبدى للمتأمل فيه العجب العجاب ، وإلى بعض هذا يشير كلام الزمخشريه وقال العلامة الطيبي في توجيهه : إن هذا الجواب وارد على الاسلوب الحكيم ، وقوله سبحانه : ( عذابي ) الخ التمهيد للجواب ، والجواب ) فسأكتبها ) الخ ، وذلك أن موسى عليه السلام طلب الغفران والرحمة والحسنة في الدارين لنفسه ولأمته خاصة بقوله : ( واكتب لنا وعلله بقوله : ( انا هدنا اليك ) فأجابه الرب سبحانه بأن تقييدك المطلق ليس من الحكمة فان عذابى من شأنه أنه تابع لمشيئتي فأمتك لو تعرضوا لما اقتضت الحكمة تعذيب من باشره لا ينفعهم دعاؤك لهم وان رحمتى من شأنها أن تعم في الدنيا الخلق صالحهم و طالحهم مؤمنهم وكافرهم فالحسنة الدنيوية عامة فلا تختص بأمتك فتخصيصها تحجير للواسع وأما الحسنة الاخروية فهى للموصوفين بكذا وكذا ، وجعل ( فسأكتبها ) كالقول بالموجب لأنه عليه السلام طلب ماطلب وجعل العلة ما جعل فضم الله تعالى ماضم ، يعنى أن الذي يوجب اختصاص الحسنتين معا هذه الصفات المتعددة لا التوبة المجردة ، ثم ذكر أن ترتيب هذا على ماقبله بالفاء على منوال قوله تعالى جوابا عن قول ابراهيم عليه السلام : رحمته في ) ومن ذريتي قال لا ينال عهدى الظالمين ) وأيد هذا التقرير بما روى عن الحسن . وقتادة وسعت رح الدنيا البر والفاجر وهى يوم القيامة للمتقين خاصة اه ما أريد منه ، وما ذكره من حديث التحجر في القلب منه شيء فان الظاهر أن ما في دعاء موسى عليه السلام ليس منه وإنما التحجر في مثل ما أخرجه أحمد . وأبوداود عن جندب عن عبد الله البجلي قال : «جاء اعزابي فأناخ راحلته ثم عقلها وصلى خلف رسول الله ثم نادی اللهم ارحمنى و محمدا ولا تشرك فى رحمتنا احدا فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : لقد حظرت رحمة واسعة إن الله خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخاق جنها و انسها و بهائمها و عنده تسعة وتسعون» . وأنا أقول :
صفحة:روح المعاني09.pdf/77
المظهر