انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/73

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٧٣

تفسير قوله تعالى : واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ) الخ ٧٣ لو شئت أهلا كمتهم) إنهم كانوا له وزراء مطيعين فاشتد عليه عليه السلام فقدهم فرحمهم وخاف عليهم الفوت وأين (لن نؤمن لك من الطاعة وحسن الاستئزار قال : ثم الظاهر من قوله تعالى : ( فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلهم ثم اتخذوا العجل) ان اتخاذ العجل متاخر عن مقالتهم تلك خلاف ما نقل عن السدى والحمل على تراخى الرتبة لابد له من سند كيف ولا ينافي التراخى الزماني فلا بد من دليل يخصه به ، هذا وقد اعترف المفسرون في سورة طه بأنه اختار سبعين لميقات الكلام ذكروه في قوله تعالى : (وما أعجلك عن قومك ياموسى) وما اعتذر عنه الطيبي بأن اختيار السبعين كان مرتين وليس في النقل أنهم كانوا معه عند المكالمة وطلب الرؤية فظاهر للمنصف سقوطه انتهى . وذكر القطب في توهين ما نقل عن السدى بأن الخروج للاعتذار إن كان بعد قتل أنفسهم ونزول التوبة فلا معنى للاعتذار ، وإن كان قبل قتلهم فالعجب من اعتذار ثمرته قتل الأنفس، ثم قال : ولاريب أن قصة واحدة تتكرر في القرآن يذكر في سورة بعضها، وفى أخرى بعض أخر وليس ذلك إلا لتكرار اعتبار المعتبرين بشئ من تلك القصة فاذا جاز ذكر قصة فى سور متعددة في كل سورة شيء منها فلم لا يجوز ذلك في مواضع من سورة واحدة لتكرر الاعتباراه ، وهو ظاهر فى ترجيح ماذهب اليه الأولون، وأنا أقول: إن القول بأن هذا الميقات هو الميقات الأول ليس بعاطل من القول وبه قال جمع كما أشرنا اليه ، وكلامنا في البقرة ظاهر فيه إلا أن الانصاف أن ظاهر النظم هنا يقتضى أنه غيره وماذكره صاحب الكشف لا يقتضى أنه ظاهر في خلافه ، وإلى القول بالغيرية ذهب جل من المفسرين . فقد أخرج عبد بن حميد من طريق أبى . سعد عن مجاهد أن موسى عليه السلام خرج بالسبعين من قومه يدعون الله تعالى ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء فلم يستجب هم فعلم موسى أنهم أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم ، قال أبو سعد: فحدثني محمد بن كعب القرظى أنه لم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ولم يأمروهم بالمعروف . وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى بن أخى الرقاشي أن بنى اسرائيل قالوا ذات يوم لموسى عليه السلام الست ابن عمنا ومنا وتزعم أنك كلمت رب العزة ؟ ( فانا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) فلما أبوا إلا ذلك أوحى الله تعالى إلى موسى أن اختر من قومك سبعين رجلا فاختار سبعين خيرة ثم قال لهم: اخرجوا فلما برزوا جاءهم مالا قبل لهم به الخبر . وهو ظاهر فى أن هذا الميقات ليس هو الأول . نعم إنه مخالف لما روى عن السدى لكنهما متفقان على القول بالغيرية ويوافق السدى في ذلك الحسن أيضا فليس هو متفردا بذلك نماظنه صاحب الكشف ، وماذكره من مخالفة كلام السدى لما نقله محيى السنة في حيز المنع ، وقوله : فانا لن نؤمن لك الخ يظهر جوابه مما ذكرناه فى البقرة عند هذه الآية من الاحتمالات ، والقول بأن الاختيار كان مرتين غير بعيد و به قال بعضهم، وماذكره القطب من الترديد فى الخروج للاعتذار ظاهر بعض الروايات عن السدى يقتضى تعين الشق الأول منه . فقد أخرج ابن أبي حاتم عنه أنه قال : انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه قال: (ما أعجلك عن قومك يا موسى) ناجايه موسى بما أجابه فقال سبحانه: (فانا قد فتنا قومك) الآية فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا فابى الله تعالى أن يقبل توبتهم الا بالحال التي كرهوا ففعلوا ثم أن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يأتيه فى ناس من بنى اسرائيل يعتذرون من عبادة المجل فوعدهم موعد فاختار موسى سبعين (م ١٠ - ج ٩- تفسير روح المعاني )