انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/70

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٧٠
تفسير روح المعاني

V. تفسير روح المعاني تحرير السؤال والجواب ما تمجه اسماع ذوى الالباب * وقال عطية العوفى : المراد سينال أولاد الذين عبدوا العجل وهم الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، واريد بالغضب والذلة ما أصاب بني النضير وقريظة من القتل والجلاء ، أو ما أصابهم من ذلك ومن ضرب الجزية عليهم ، وفى الكلام على هذا حذف مضاف وهو الأولاد ، ويحتمل أن لا يكون هناك وهو من تغيير الأبناء بما فعل الآباء ، ومثله فى القرآن كثير . وقيل : المراد بالموصول المتخذون حقيقة وبالضمير في ينالهم أخلافهم وبالغضب الغضب الأخروى وبالذلة الجزية التي وضعها الأسلام عليهم أو الأعم منها ليشمل ما ضربه بختنصر عليهم. وتعقب ذلك أيضا بأنه لا ريب فى أن توسيط حال هؤلاء في تضاعيف بیان حال المتخذين من قبيل الفصل بين الشجر و لحائه ، والمراد بالمفترين المفترون على الله تعالى ، وافتراء أولئك عليه سبحانه قول السامرى فى العجل هذا إلهكم وإله موسى ورضاهم به ولا أعظم من هذه الفرية ولعله لم يفتر

مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم. وعن سفيان بن عيينة أنه قال : كل صاحب بدعة ذليل وتلا هذه الآية * ( وَالَّذِينَ عَمِلُوا السينات ) أى سيئة كانت لعموم المغفرة ولأنه لا داعي للتخصيص ( ثم تابوا عنها من بعدها أى من بعد عملها وهو تصريح بما تقتضيه ثم ( وَ آمَنُوا ) أى واشتغلوا بالايمان وما هو مقتضاه و به تمامه . الاعمال الصالحة ولم يصروا على ما فعلوا كالطائفة الأولى، وهو عطف على تابوا ، ويحتمل من أن يكون حالا بتقدير قد ، وإياما كان فهو على ماقيل : من ذكر الخاص بعدم العام للاعتناء به لأن التوبة عن الكفر هي الايمان فلا يقال : التوبة بعد الايمان كيف جاءت قبله وقيل: حيث كان المراد بالايمان ما تدخل فيه الاعمال يكون بعد التوبة . وقيل: المراد به هنا التصديق بأن الله تعالى يغفر للتائب أى ثم تابوا وصدقوا بأن الله تعالى يغفر لمن تاب ( إِنَّ رَبِّكَ من بعدها ) أى من بعد التوبة المقرونة بما لا تقبل بدونه وهو الايمان، ولم يجعل الضمير للسيئات لأنه ما قال بعض المحققين لا حاجة له بعد قوله سبحانه : ( ثم تابوا من بعدها ( لا لأنه يحتاج إلى حذف مضاف و معطوف من عملها والتوبة عنها لأنه لا معنى لكونه بعدها إلا ذلك لَغَفُورٌ ) لذنوبهم وإن عظمت و كثرت ( رحيم ) مبالغ في إفاضة فنون الرحمة عليهم ، والموصول مبتدأ و جملة (إن ربك) الخ خبر والعائد محذوف، والتقدير عند أبي البقاء - الغفور لهم رحيم بهم ، والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة أضميره عليه الصلاة والسلام للتشريف ، وقيل : الخطاب للتائب، ولا يخفى لطف ذلك أيضاً ، وفى الآية اعلام بأن الذنوب وإن جلت وعظمت فأن عفو الله تعالى و كرمه أعظم وأجل ، وما ألطف قول أبي نواس غفر الله تعالى له : يارب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن فيمن يلوذ ويستجير المجرم ومما ينسب للامام الشافعي رضي الله تعالى عنه : ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجاربي لعفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما