انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/7

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٧

تفسير قوله تعالى: (الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين) الخ 7 V وعلى هذا تفسير قتادة ، ورد الراغب غنى بمعنى أقام إلى هذا المعنى فقال: غنى بالمكان طال مقامه فيه مستغنيا به عن غيره ، وقول بعضهم فى بيان الآية: إنهم استؤصلوا بالمرة بيان الحاصل المعنى، وفى بناء الخبر على الموصول إيماء إلى أن علة الحكم هى الصلة فكأنه قيل : الذين كذبوا شعيبا هلكوا لتكذيبهم ! إياه هلاك الابد ، ويشعر ذلك هنا بأن مصدقيه عليه السلام نجوا تجاة الابد ، وهذا مراد من قال بالاختصاص في الآية ، وقيل : إنه مبنى على أن مثل هذا التركيب كما يفيد التقوى قد يفيد الاختصاص نحو ( الله يبسط الرزق) والقرينة عليه هنا أنه سبحانه ذكر فيما سبق المؤمنين والكافرين ولم يذكر هنا الاهلاك المكذبين ، ويرجع حاصل المعنى بالآخرة إلى أنهم عوقب وابتو عدهم السابق بالاخراج وصاروا هم المخرجين من القرية اخراجا لا دخول بعده دون شعيب عليه السلام ومن معه ، وقوله تعالى: ( الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعيباً كَانُوا هم الخسرينَ (٩٢) استئناف آخر لبيان ابتلائهم بعقوبة ولهم الاخير، واستفادة الحصر هنا أوضح من استفادته فيما تقدم، أى الذين كذبوه عليه السلام عوقبوا بقولهم (لتن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون فصار واهم الخاسرين للدنيا والدين لتكذيبهم لا المتبعون له عليه السلام المصدقون إياه عليه السلام ، و بهذا القصر اكتفى عن التصريح بالانجاء كما وقع فى سورة هود من قوله تعالى : ( فلما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه ( الخ ، وفى الكشاف أن فى هذا الاستئناف وتكرير الموصول والصلة مبالغة في رد مقالة "الملا" لأشياعهم وتسفيه لرأيهم واستهزاء بنصحهم بقومهم واستعظام لما جرى عليهم . وأنت تعلم أن في إستفادة ذلك كله من نفس هذه الآية خفاء ، والظاهر أن مجموع الاستئنافين مؤذن به . وبين الطيبي ذلك بأنه تعالى لمارتب العقاب بأخذ الرجفة وتركهم هامدين لا حراك بهم على التكذيب والعناد اتجه لسائل أن يسأل إلى ماذا صار ما كل أمرهم بعد الجثوم ؟ فقيل : (الذين كذبوا شعيبا كان لم يغنوا فيها) أي إنهم استؤصلوا و تلاشت جسومهم كان لم يقيموا فيها . ثم سأل أخصص الدمار بهم أم تعدى إلى غيرهم ؟ فقيل : (الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) أي اختص بهم الدمار فجعلت الصلة الأولى ذريعة إلى تحقيق الخبر كقوله : أن التي ضربت بيتا مهاجرة بكوفة الجند غالت ودها غول الخير و كذلك بولغ في الاخبار عن دمار القوم وجئ بتقوى الحكم والتخصيص وجعلت الصلة الثانية علة لوجود ، وجاء تسفيه الرأى من الرد عليهم بعين ما تلفظوا به فى نصح قومهم ، والاستهزاء من الاشارة إلى أن ما جعلوه نصيحة صار فضيحة وانعكس الحال الذي زعموه ؛ ويستفاد عظم الخسران من تعريف الخبر بلام الجنس . وأما استعظام ما جرى فمن قوله سبحانه : ( كأن لم ) الخ وكذا من مجموع الكلام ، ولا يخفى أن القول بالاستئناف البياني في الجملتين وجعل الصلة الأولى ذريعة إلى تحقيق الخبر ليس بشئ ، وقد ذكر غير واحد أن هذا الاستئناف من غير عطف جار على عادة العرب فى مثل هذا المقام فان عادتهم الاستئناف كذلك في الذم والتوبيخ فيقولون : أخوك الذى نهب مالنا أخوك الذى هتك سترنا أخوك الذي ظلمنا ، وجوز أبو البقاء أن يكون الموصول الثاني بدلا من الضمير فى ) يغنوا ) وأن يكون في محل نصب باضمار أعنى ، وأن يكون الأول مبتدأ والخبر ( الذين كذبوا شعيبا كانوا ) و ( كأن لم يغنوا ) حال من ضمير ( كذبوا ) وأن يكون الأول صفة للذين كفروا أو بدلا منه وعلى الوجهين يكون ( كأن لم ) الخ حالا، وما اخترناه هو الاولى كما هو ظاهر فليتدبر؛ وقوله سبحانه : ( فتولى عنهم وقال يقوم لقد أبلغتكم رسلت ربي ونَصَحْتُ لَكُمْ ) تقدم الكلام على