تفسير قوله تعالى : (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم الخ 99 بالنسبة اليه فى أمر أولئك الظالمين ، وفى هذا الضم ترضية له عليه السلام ورفع للشماتة عنه ، والقول بانه عليه السلام استغفر لنفسه ليرضى أخاه ويظهر للشامتين رضاه لئلا تتم شما تتهم به ولاخيه للايذان بانه محتاج إلى الاستغفار حيث كان يجب عليه أن يقاتلهم لى فيه توقف لا يخفى وجهه . ( وأدخلنا ) جميعا و فى رحمتك الواسعة بمزيد الانعام علينا ، وهذا ما يقتضيه المقابلة بالمغفرة ، والعدول عن ارحمنا إلى ماذكر وانت ارحم الرحمين ١٥٩) فلا غرو فى انتظامنا في سلمك رحمتك الواسعة في الدنيا والآخرة ، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله ، وادعى بعضهم أن فيه إشارة إلى أنه سبحانه استجاب دعاءه وفيه خفاء ) إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العجل ) أى بقوا على اتخاذه واستمروا عليه كالسامري وأشياعة كما يفصح عنه كون الموصول الثاني عبارة عن التائبين فان ذلك صريح فى أن الموصول الأول عبارة عن المصرين ) سَيَنَاهُم ) أى سيلحقهم ويصيبهم في الآخرة جزاء ذلك ) غضب ) عظيم لا يقادر قدره مستتبع لفنون العقوبات لعظم جريمتهم وقبح جريرتهم من ربهم ( أى مالكهم ، والجار والمجرور متعلق بينالهم، أو بمحدوف وقع نعتا لغضب مؤكدا لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية أى كائن من ربهم وذلة عظيمة و في الحياة الدنيا ) وهى على ما أقول: الله التي عرتهم عند تحريق إلههم ونسفه في أليم نسفا مع عدم القدرة على دفع ذلك عنه ، وقيل : هى ذلة الاغتراب التى تضرب بها الامثال والمسكنة المنتظمة لهم ولا ولادهم جميعاً ، والذلة التي أختص بها السامري من الانفراد عن الناس والابتلاء بلا مساس، وروى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك وإذا مس أحدهم أحد غير هم حما جميعا في الوقت ، ولعل ما ذكرناه بهم أولى والرواية لم نر لها أثرا ، وإيراد ما نالهم بالسين للتغليب ، وقيل : واليه يشير كلام أبي العالية المراد التائبون، وبالغضب ما أمروا به من قتل أنفسهم ، وبالذلة اسلامهم أنفسهم لذلك واعترافهم بالضلال ، واعتذر عن السين بأن ذلك حكاية عما أخبر الله تعالى به موسى عليه السلام حين أخبره بافتتان قومه واتخاذهم العجل فانه قال له: (سينالهم غضب) الخ فيكون سابقا على الغضب ، وجعل الكلام جواب سؤال مقدر و ذلك أنه تعالى لما بين أن القوم ندموا على عبادتهم العجل بقوله سبحانه : (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا) والندم توبة ولذلك عقبوه بقولهم: لئن لم يرحمنار بنا ويغفر لنا وذكر عتاب موسى لاخيه عليهما السلام ثم استغفاره اتجه لسائل أن يقول: يارب إلى ماذا يصير أمر القوم وتوبتهم واستغفار نبي الله تعالى وهل قبل الله تعالى توبتهم؟ فاجاب (إن الذين اتخذوا العجل سينا لهم غضب) أى نقم قبل توبة موسى واخيه وغفر لهما خاصة وكان من تمام توبة القوم أن الله سبحانه أمرهم بقتل أنفسهم فسلموها للقتل، فوضع الذين اتخذوا العجل موضع القوم اشعارا بالعلية . وتعقب بأن سياق النظم الكريم وكذا سباقه ناب عن ذلك نبوا ظاهرا كيف لا وقوله تعالى: وكذلك نجزى المفترين ) ينادى على خلافه فانهم شهداء تائبون فكيف يمكن وصفهم بعد ذلك بالافتراء وأيضا ليس يجزى الله تعالى كل المفترين بهذا الجزاء الذى ظاهره قهر وباطنه لطف ورحمة إلا أن يقال : يكفى في صحة التشبيه وجود وجه الشبه فى الجملة ولابد من التزام ذلك على الوجه الذي ذكرناه أيضا، وماذكر في -
صفحة:روح المعاني09.pdf/69
المظهر