انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/66

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٦٦
تفسير روح المعاني

77 تفسير روح المعاني وقال الواحدى : هما متقاربان فاذا جاءك ما تكره ممن هو دونك غضبت وإذا جاءك ممن هو فوقك حزنت ، فعلى هذا كان موسى عليه السلام غضبان على قومه باتخاذهم العجل حزينا لأن الله تعالى فتنهم ، وقد أخبره سبحانه بذلك قبل رجوعه ، ونصب الوصفين على أنهما حالان مترادفان او متداخلان بان يكون الثاني حالا من الضمير المستتر في الأول، وجوز أبو البقاء أن يكون بدلا من الحال الأولى وهو بدل كل لا بعض ما توهم More . قال بنسما خَلَفتموني من بعدي خطاب إما لعبدة العجل وإما لهرون عليه السلام ومن معه من المؤمنين أي بد بأسما ما فعلتم ! بعد غيبتي حيث عبدتم العجل بعد ما رأيتم منى من توحيد الله تعالى ونفى الشركاء عنه سبحانه . وإخلاص العبادة له جل جلاله ، أو بأسما قمتم مقامى حيث لم تراعوا عهدى ولم تكفوا العبدة عما فعلوا بعد ما رأيتم منى من حملهم على التوحيد وكفهم عما طمحت نحوه أبصارهم من عبادة البقر حين قالوا اجمل لنا إلتها ما لهم آلهة . وجوز أن يكون على الخطاب للفريقين على أن المراد بالخلافة الخلافة فيما يعم الأمرين اللذين أشير اليهما ولا تكرار في ذكر من بعدى) بعد (خلفتمونى) لأن المراد من بعد ولايتي وقيامى بما كنت أقوم إذ بعديته على الحقيقة إنما تكون على ما قيل بعد فراقه الدنيا ، وقيل : إن من بعدى) تأكيد من باب رأيته بعينى وفائدته تصویر نيابة المستخلف ومزاولة . سيرته كا أن هنالك تصوير الرؤية وما يتصل بها، و (ما) نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس المستكن فيه والمخصوص بالذم محذوف أى بنس خلافة خلفتمونيها من بعدى خلافتكم ، والذم فيما إذا كان الخطاب لهرون عليه السلام ومن معه من المؤمنين ليس للخلافة نفسها بل لعدم الجرى على مقتضاها . ، وأما إذا كان للسامرى وأشياعه فالامر ظاهر العجلتم أمر ربكم ) أي أعجلتم عما أمركم به ربكم وهو انتظار موسى عليه السلام حال كونهم حافظين لعهده وما وصاهم به فبنيتم الأمر على أن الميعاد قد بلغ آخره ولم أرجع اليكم فحدثتم أنفسكم بموتى فغيرتم . روى أن السامري قال لهم حين أخرج لهم العجل، وقال : إن هذا إلهكم وإله موسى إن موسى لن يرجع وإنه قدمات. وروى أنهم عدو اعشرين يوما بلياليها فجعلوها أربعين ثم أحدثوا ما أحدثوا. والمعروف تعدى (عجل) بعن لا بنفسه فيقال: عجل عن الأمر إذا تركه غير تام ونقيضه تم عليه وأعجله عنه غيره وضمئوه هنا معنى السبق وهو كناية عن الترك فتعدى تعديته ولم يضمن ابتداء معنى الترك لخفاء المناسبة بينهما وعدم حسنها . وذهب يعقوب إلى أن السبق معنى حقيقى له من غير تضمين، والامر واحد الاوامر . وعن الحسن أن المعنى أعجلم وعد ربكم الذي وعدكم من الاربعين فالامر عليه واحد الامور والمراد بهذه الاربعين على ما ذكره الطيبي غير الاربعين التي أشار الله تعالى اليها بقوله سبحانه : ( فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) وسيأتي تتمة الكلام في ذلك قريبا إن شاء الله تعالى . والقى الالواح ) أى وضعها على الارض كالطارح لها ليأخذ برأس أخيه مما عراه من فرط الغيرة الدينية وكان عليه السلام شديد الغضب الله سبحانه. فقد أخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا . وقال القاضى ناصر الدين : أى طرحها من شدة الغضب وفرط الضجرة حمية للدين، ثم نقل أنه انكسر بعضها حين القاها، واعترض عليه أفضل المتأخرين شيخ مشايخنا صبغة الله أفندى الحيدري بان الحمية للدين إنها تقتضى احترام كتاب الله تعالى وحمايته أن يلحق به نقص أو هو ان بحيث