انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/65

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٦٥

تفسير قوله تعالى : ( ورأوا أنهم قد ضلوا) الخ ٦٥ القطب ذلك من باب الاستعارة التمثيلية حيث شبه حال الندم في النفس بحال الشيء في اليد في التحقيق و الظهور ثم عبر عنه بالسقوط في اليد ولا لطف للاستعارة التصريحية فيه، وقال الواحدى: إنه يقال لما يحصل وإن لم يكن في اليد وقع في يده وحصل فى يده مكروه فيشبه ما يحصل فى النفس وفى القلب بما يري بالعين ، وخصت اليد لأن مباشرة الامور بها كقوله تعالى: (ذلك بما قدمت يداك ( أو لأن الندم يظهر أثره بعد حصوله في القلب في اليد لعضها والضرب بها على أختها ونحو ذلك فقد قال سبحانه في النادم : ( فأصبح يقلب كفيه ) (ويوم بعض الظالم ) ، وقيل : من عادة النادم أن يطأطئ رأسه ويضع ذقنه على يده بحيث لو أزالها سقط على وجهه فكان اليد مسقوط فيها ، و (فى) بمعنى على وقيل : هو من السقاط وهو وكثرة الخطأ ، وقيل : من السقيطوهو ما يغشى الأرض بالغدوات شبه الثلج لاثبات له، فهو مثل لمن خسر فى عاقبته ولم يحصل على طائل من سعيه ، وعد بعضهم سقط من الافعال التي لا تتصرف كنعم وبئس . وقرأ ابن أبي عبلة (اسقط) على أنه رباعى مجهول وهى لغة نقلها الفراء . والزجاج ، وذكر بعضهم أن هذا التركيب لم يسمع قبل نزول القرآن ، ولم تعرفه العرب ، ولم يوجد فى أشعارهم وكلامهم فلذا خفى على الكثير وأخطأوا فى استعماله كابي حاتم . وأبي نواس ، وهو العالم التحرير ولم يعلموا ذلك ولو علموه لسقط في 1. أيديهم وراوا انهم قد ضلوا ) أى تبينوا ضلالهم باتخاذ العجل وعبادته تبينا كأنهم قد أبصروه بعيونهم قيل : وتقديم ذكر ندمهم على هذه الرؤية مع كونه متأخرا عنها للمسارعة إلى بيانه والإشعار بغاية سرعته كانه سابق على الرؤية : وقال القطب في بيان تأخر تبين الضلال عن الندم مع كونه سابقا عليه : إن الانتقال من الجزم بالشيء إلى تبين الجزم بالنقيض لا يكون دفعيا في الأغلب بل إلى الشك ثم الظن بالنقيض ثم الجزم به ثم تبينه ، والقوم كانوا جازمين بأن ما هم عليه صواب والندم عليه ربما وقع لهم فى حال الشك فيه فقد تأخر تبين الضلال عنه انتهى، فافهم ولا تغفل ) قَالُوا لَين لم يرحمنا ربنا ) بإنزال التوبة المكفرة ويغفر لنا بالتجاوز عن خطيئتنا، وتقديم الرحمة على المغفرة مع أن التخلية حقها أن تقدم على التحلية قيل : إما للمسارعة إلى ماهو المقصود الأصلى وإما لأن المراد بالرحمة مطلق إرادة الخير بهم وهو مبدأ لإنزال التوبة المكفرة لذنوبهم ، واللام في (لئن) موطئة للقسم أى والله ان الخ ، وفى قوله سبحانه : ولَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ١٤٩) لجواب القسم كما هو المشهور . وقرأ حمزة والكسائي ( ترحمنا و تغفر لنا) بالتاء الفوقية و (ربنا) بالنصب على النداء ؛ وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول كان بعد رجوع موسى عليه السلام من الميقات كما ينطق به ماسيأتى إن شاء الله تعالى في طته ، وقدم ليتصل ما قالوه بما فعلوه ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِه غَضْبَانَ ) ما حدث منهم وأسفا) أى شديد الغصب كما قال أبو الدرداء. ومحمد القرظي . وعطاء . والزجاج ، أو حزينا على ماروى عن ابن عباس . . وقتادة رضى الله تعالى عنهم ، وقال أبو مسلم : الغضب والأسف بمعنى والتكرير للتأكيد . والحسن ( م - - ج - ٩- تفسير روح المعاني