78 تفسير روح المعاني والصراخ. والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرا مقدما وخوار مبتدأ ، والجملة في موضع النعت لعجلاه روى أن السامرى لما صاغ العجل ألقى فى فمه من تراب اثر فرس جبريل عليه السلام فصار حيا، وذكر بعضهم في سر ذلك أن جبريل عليه السلام لكونه الروح الأعظم سرت قوة منه إلى ذلك التراب أثرت ذلك الاثر باذن الله تعالى لأمر يريده عز وجل، ولا يلزم من ذلك أن يحيا ما يطوه بنفسه عليه السلام لأن الامر مربوط بالاذن وهو إنما يكون بحسب الحكم التي لا يعلمها إلا الحكيم الخبير فتدبر . وإلى القول بالحياة ذهب كثير من المفسرين، وأيد بأن الحوار إنما يكون للبقر لا لصورته ، وبأن ما سيأتى إن شاء الله تعالى في سورة طه كالصريح فيهما دل عليه الخبر . وقال جمع من مفسرى المعتزلة: إن العجل كان بلا روح وكان السامري قد صاغه مجوفا ووضع في جوفه أنابيب على شكل مخصوص وجعله في مهب الريح فكانت تدخل في تلك الأنابيب فيسمع لها صوت يشبه خوار العجل ولذلك سمى . خوارا . وما فى طه سيأتى إن شاء تعالى الكلام فيه . واختلف في هذا الخوار فقيل : كان مرة واحدة ، وقيل : كان مرات كثيرة ، وكانوا كاملا خار سجدوا له وإذا سكت رفعوا رءوسهم . وعن السدى أنه كان يخور و يمشى . وعن وهب نفى الحركة ، والآية ساكتة عن إثباتها ، وليس في الاخبار ما يعول عليه فالتوقف عن إثبات المشى أولى، وليست هذه المسئلة من المهمات ، وإنما نسب الاتخاذ إلى قوم موسى عليه السلام وهو فعل السامرى لأنهم رضوا به وكثيرا ما ينسب الفعل إلى قوم مع وقوعه من واحد منهم فيقال: قتل بنو فلان قتيلا والقاتل واحد منهم ، وقيل : لأن المراد اتخاذهم إياه. إلها، فالمعنى صيروه إلها وعبدوه ، وحينئذ لا تجوز فى الكلام لأن العبادة له وقعت منهم جميعا . قال الحسن : كلهم عبدوا العجل الاهرون عليه السلام ، واستثنى آخرون غيره معه ، وعلى القول الأول قيل: لابد من تقدير فعبدوه ليكون ذلك مصب الانكار لأن حرمة التصوير حدثت في شرعنا على المشهور ولان المقصود إنكار عبادته ( ألم يروا انه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا ( تقريع لهم و تشنيع على فرط ضلالهم واخلالهم بالنظر، أى ألم يروا أنه لا يقدر على ما يقدر عليه آحاد البشر من الكلام وإرشاد السبيل بوجه من لوجوه فكيف عدلوه بخالق الاجسام والقوى والقدر ، وجعله بعضهم تعريضا بالاله الحق وكلامه الذي لا ينفد وهدايته الواضحة التي لا تجحد ، وقيل : إنه تعريض بالله تعالى وبكلامه مع موسى عليه السلام وهدايته لقومه ( اتَّخَذُوهُ ) تكرار لجميع ما سلف من الاتخاذ على الوجه المخصوص المشتمل على الذم ، وهو من باب الكناية على أسلوب . أن يرى مبصر ويسمع واع ، أى أقدموا على ما أقدموا عليه من الأمر المنكرة وَكَانُوا ظالمين ) اعتراض تذييلى أى إن دأبهم قبل ذلك الظالم ووضع الاشياء في غير موضعها فليس ببدع منهم هذا المنكر العظيم، و ، وكرر الفعل ليبنى عليه ذلك، وقيل : الجملة في موضع الحال أي اتخذوه في هذه الحالة المستمرة لهم ولما سقط في أيديهم ( أى ندموا كما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما، وجعله غير واحد كناية عن شدة الندم وغايته لأن النادم إذا اشتدندمه عض يده . غما فتصير يده مسقوطا فيها، وأصله سقط فوه أو عضه في يده أى وقع ثم حذف الفاعل و بنى الفعل للمفعول به فصار سقط في يده كقولك: مريزيد ، وقرأ ابن السميقع سقط بالبناء للفاعل على الاصل، واليد على ماذكر حقيقة ، وقال الزجاج : معناه سقط الندم في أنفسهم وجعل
صفحة:روح المعاني09.pdf/64
المظهر