٦٢ تفسير روح المعاني أبو عمرو كما قال الجبائي بين الرشد والرشد بأن الرشد بالضم الصلاح في الأمر والرشد بالفتح الاستقامة في الدين، والمشهور عدم الفرق ) وإن يروا سبيل الغى ( أى طريق الضلال ) يتخذوه سبيلا ) أي يختارونه لأنفسهم مسلكا مستمرا لا يكادون يعدلون عنه لموافقته لأهوائهم وإفضائه بهم إلى شهواتهم ( ذلك ) أى المذكور من التكبر وعدم الايمان بشيء من الآيات وإعراضهم عن سبيل الهدى وإقبالهم التام إلى سبيل الضلال حاصل ) بأنهم ) أى بسبب أنهم ) كَذَّبُوا بايقنا ) الدالة على بطلان ما اتصفوا به من القبائح و على حقية أضدادها ) وكانوا عنها غفلين ١٤٦) غير معتدين بها فلا يتفكرون فيها وإلا لما فعلوا ما فعلوا من الأباطيل ، وجوز غير واحد أن يكون ذلك إشارة إلى الصرف ، ومافيه من البحث يدفع بأدنى عناية كما لا يخفى على من مدت اليه العناية أسبابها ، وأياما كان فاسم الاشارة مبتدأ والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرا عنه كما أشرنا اليه . وقيل : محل اسم الاشارة النصب على المصدر أى سأصر فهم ذلك الصرف بسبب تكذيبهم با ياتنا و غفاتهم عنها، ولا مانع من كون العامل أصرف المقدم لأن الفاصل ليس بأجنى ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا نَا بَعْنَا وَلَقَاء الآخرة ) أى لقائهم الدار الآخرة على أنه من إضافة المصدر إلى المفعول وحذف الفاعل أو لقائهم ما وعده الله تعالى في الآخرة من الجزاء على أن الاضافة إلى الظرف على التوسع . والمفعول مقدر كالفاعل ومحل الموصول فى الاحتمالين الرفع على الابتداء ، وقوله تعالى : ( حَبطَتْ أعمالهم ) خبره أي ظهر بطلان أعمالهم التي كانوا عملوها من صلة الارحام وإغاثة الملهوفين بعد ما كانت مرجوة النفع على تقدير إيمانهم بها، وحاصله أنهم J orod لا ينتفعون بأعمالهم وإلا فهى أعراض لا تحبط حقيقة هل يجزون أى لا يجزون يوم القيامة . إلا ماكانوا يعملون ١٦٥ ) أى الاجزاء ما استمروا على عمله من الكفر والمعاصي وتقدير هذا المضاف لظهور أن المجزى ليس نفس العمل ، وقيل : إن أعمالهم تظهر فى صور ما يجزون به فلا حاجة إلى التقدير، وهذه الجملة مستانفة ، وقيل : هي الخبر والجملة السابقة فى موضع الحال باضمار قد ، واحتجت الاشاعرة على ماقيل بهذه الآية على فساد قول أبي هاشم أن تارك الواجب يستحق العقاب وإن لم يصدر عنه فعل الضد لانها دلت على أنه لاجزاء الا على عمل وترك الواجب ليس به * و اجاب أبوهاشم بأني لا أسمى ذلك العقاب جزاء ، ورد بأن الجزاء ما يجزى أى يكفي في المنع عن المنهى عنه والحث على المأمور به والعقاب على ترك الواجب كاف فى الزجر عن ذلك الترك فكان جزاء * ( وَاتَّخَذَ قوم موسى من بعده ( أى من بعد ذهابه إلى الجبل لمناجاة ربه سبحانه و من حليهم ) جمع حلى كندى وثدى وهو ما يتخذ للزينة ويتحلى به من الذهب والفضة ، والجار والمجرور متعلق باتخذكمن بعده من قبله ولا ضير في ذلك لاختلاف معنى الجارين فان الاول للابتداء و الثاني للتبعيض، وقيل: للابتداء أيضا، وتعلقه بالفعل بعد تعلق الاول به واعتباره معه ، وقيل : الجار الثاني متعلق بمحذوف وقع حالا ما بعده اذ لو تأخر لكان صفة له ، وأضافة الحلى الى ضمير القوم لأدني ملابسة لأنها كانت للقبط فاستعار وها منهم قبيل الغرق فبقيت في أيديهم
صفحة:روح المعاني09.pdf/62
المظهر