تفسير قوله تعالى : ( موعظة وتفصيلا لكل شيء) الخ ٥٧ دماء خرشة وكعب الاحبار حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة ثم قال : ليهراقن بهذه البقعة من المسلمين شيء لا يهراق يبقعة من الأرض مثله فقال قيس : ما يدريك فان هذا من الغيب الذي استأثر الله تعالى به ؟ فقال كعب : ما من الأرض شبر الامكتوب فى التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى ما يكون عليه D P وما يخرج منه إلى يوم القيامة ظاهر فى أن كل شئ أعم مما ذكر، ولعل ذكر ذلك من باب الرمز كما ندعيه في القرآن ) موعظة وتفصيلا لكل شئ ) بدل من الجار والمجرور، أى كتبناله كل شئ من المواعظ وتفصيل الأحكام ، وإلى هذا ذهب غير واحد من المعربين ، وهو مشعر بأن (من) مزيدة لا تبعيضية، وفي زيادتها في الاثبات كلام ، قيل : ولم تجعل إبتدائية حالا من موعظة . عظة مفعول به لأنه ليس له كبير معنى، ولم تجعل موعظة مفعول له وإن استو فى شرائطه لأن الظاهر عطف تفصيلا عن موع عظة ، وظاهر أنه لا معنى لقولك كتبنا له ومو من كل شئ لتفصيل كل شئ ، وأما جعله عطفا على محل الجار والمجرور فبعيد من جهة اللفظ والمعنى . والطيبي اختار هذا العطف وأن (من) تبعيضية وموعظة وحدها بدل ، والمعنى كتبنا بعض كل شيء في الالواح من نحو السور والآيات وغيرهما موعظة وكتبنا فيها تفصيل كل شيء يحتاجون اليه من الحلال والحرام ونحو ذلك ، وفى ذلك اختصاص الاجمال والتفصيل بالموعظة للايذان بأن الاهتمام بها أشد والعناية بها أتم ، ولكونها كذلك كثر مدح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالبشير النذير، واشعار بأن الموعظة مما يجب أن يرجع اليه في كل أمر يذكر به ، ألا يرى إلى أن أكثر الفواصل التنزيلية والردود على هذا النمط نحو (أفلا تتقون - أفلا تتذكرون) و إلى سورة الرحمن كيف أعيد فيها ما أعيد وذلك ليستأنف السامع به ادكارا واتعاظا ويجدد تنبيها واستيقاظا، و أنت تعلم أن البعد الذى اشرنا اليه باق على حاله ، وقوله سبحانه: (لكل شىء) إما متعلق بما عنده أو بمحذوف ما قال السمين وقع صفة له ، واختلف في عدد الالواح وفي جوهرها ومقدارها وكاتبها فقيل كانت عشرة ألواح، وقيل: سبعة، وقيل: لوحين، قال الزجاج : ويجوز أن يقال في اللغة الوحين ألواح وأنها كانت من زمرد أخضر، أمر الرب تعالى جبريل عليه السلام فجاء بها من عدن ، وروى ذلك عن مجاهد ، وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : أخبرت أن الالواح كانت من زبرجد، وعن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون إنها كانت من ياقوتة وأنا أقول : إنها كانت من زمرد ، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي له أنه قال : « الالواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة كان طول اللوح اثني عشر ذراعا ، وعن الحسن أنها كانت من خشب نزلت من السماء ، وأن طول كل عشرة أذرع ، وقيل : أمر الله تعالى موسى عليه السلام بقطعها من صخرة صماء لينها له فقطعها بيده وسقفها بأصابعه ولا يخفى أن أمثال هذا يحتاج إلى النقل الصحيح وإلا فالسكوت أولى إذ ليس فى الآية ما يدل عليه، والمختار عندى أنها من خشب السدر إن صح السند إلى سلسلة الذهب ، والمشهور عن ابن جريج أن كاتبها جبريل عليه السلام كتبها بالقلم الذي كتب به الذكر، والمروى عن على كرم الله تعالى وجهه . و مجاهد . وعطاء . وعكرمة، وخاق كثير أن الله تعالى كتبها بيده وجاء أنها كتبت وموسى عليه السلام يسمع صريف الاقلام التي كتبت بها وهو المأثور عن الامير كرم الله تعالى وجهه . وجاء عن بن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه قال: خلق الله تعالى آدم بيده و خلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده ، ثم م - ج ٩- تفسير روح المعاني )
صفحة:روح المعاني09.pdf/57
المظهر