انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥٥

بنور ربها وطفى المصباح اذ طلع الصباح وصدح هزار الأنس في رياض القدس بنغم ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا سر أرق من الف اذا . ن النسيم سری وأباح طرفى نظرة أملتها فغدوت معروفا و كنت منكرا فدهشت بين جماله وجلاله وغيدا لسان الحال عنى مخبرا هذا والكلام في الرؤية طويل، وقد تكفل علم الكلام بتحقيق ذلك على الوجه الأكمل، والذي علينا انما هو كشف القناع عما يتعلق بالآية ، والذى نظنه أنا قد أدينا الواجب ، ويكفى من القلادة ما أحاط بالجيد ، والله ( مه گر تعالى الهادى الى سواء السبيل (قَالَ ياموسى) استئناف مسوق لتسليته عليه السلام من عدم الأجابة الى سؤاله على ما اقتضته الحكمة كأنه قيل: إن منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظام ما اعطيتك فاغتنمه وثابر على شكره إلى اصطفيتك ( أى اخترتك وهو افتعال من الصفوة بمعنى الخيار والتأكيد للاعتناء بشأن الخبر على الناس الموجودين في زمانك وهذاكا فضل قومه على عالمى زمانهم في قوله سبحانه : (يا بني اسرائيل اذكروا نعمتى التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين) برس الاتى ) أى بأسفار التوراة ، وقرأ أهل الحجاز. وروح برسالتي وبكلامي ) أى بتكليمى اياك بغير واسطة . أو الكلام على حذف مضاف أي باسماع لامى والمراد فضلتك بمجموع هذين الأمرين فلا يرد هارون عليه السلام لأنه لم يكن كليما على أن رسالته كانت تبعية أيضا وكان مأمور اباتباع م موسى عليه السلام و كذلك لا يرد السبعون الذين كانوا معه عليه السلام في هذا الميقات فى قول لأنهم وإن سمعوا الخطاب الا انهم ليس لهم من الرسالة شي. على أن المقصود بالتكليم الموجه اليه الخطاب هو موسى عليه السلام دونهم وبتخصيص الناس بما علمت خرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلا يرد أن مجموع الرسالة والتكليم بغير واسطة وجد له عليه الصلاة والسلام أيضا على الصحيح ، على على انا لو قلنا بأن التكليم بغير واسطة مخصوص به عليه السلام من بين الأنبياء صلى الله تعالى عليه وسلم لا يلزم منه تفضيله من كل الوجوه على غيره كنبينا عليه الصلاة والسلام فقد يوجد في الفاضل مالا يوجد في الأفضل وإنما كان الكلام بلا واسطة سببا للشرف بناء على العرف الظاهر وقد قالوا شتان بين من اتخذه الملك لنفسه حبيبا وقربه اليه بلطفه تقريبا وبين من ضرب له الحجاب والحجاب وحال بينه وبين المقصود بواب ونواب ، على أن من ذاق طعم المحبة ولو بطرف اللسان يعلم ما في تكليم المحبوب بغير واسطة . اللطف العظيم والبر الجسيم ، وعلامه جل شأنه لموسى عليه السلام في ذلك الميقات كثير على ما دلت عليه الآثار ، وقد سبق لك ما يدل على كميته من حديث أبى هريرة . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والبيهقى من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : . . إن الله تعالى عليه السلام بمائة الف وأربعين الف كلمة في ثلاثة أيام فلما سمع كلام الآدميين مقتهم وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل فكان فيما ناجاه أن قال : يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ولم يتقرب إلى المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خشيتى فقال موسى: يارب وإله البرية كلها ويامالك يوم الدين وياذا الجلال والإكرام ماذا أعددت لهم وماذا جزيتهم؟ شأنه ناجی موسی . لما