انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥٣

مبحث من تفسير قوله تعالى : (لن) ترانى ولكن انظر الى الجبل ) الخ غير ظاهرة في ذلك ، وإلى الرؤية بعد الصعق ذهب القطب الرازي في تقرير كلام للزمخشرى ، إلا أن ذلك على احتمال أن تفسر بالانكشاف التام الذى لا يحصل الا اذا كانت النفس فانية مقطوعة النظر عن وجودها فضلا عن وجود الغير فانه قال : إن موسى عليه السلام لما طلب هذه المرتبة من الانكشاف وعبر عن نفسه (أنا) دل على أن نظره كان باقيا على نفسه وهي لا تكون كذلك إلا متعلقة بالعلائق الجسمانية مشوبة بالشوائب المادية لاجرم منع عنه هذه المرتبة وأشير إلى أن منعها إنما كان لاجل بقاء أنا وانت في قوله : أرنى ولن ترانى ، ثم لما لم يرد حرمانه عن حصول هذه المرتبة مع استعداده وتأهله لها علم طريق المعرفة بقوله سبحانه : ( ولكن انظر الى الجبل ) فان الجبل مع عدم ت تعلقه المالم يطاق نظرة من نظرات التجلى فموسى عليه السلام مع . تعلقه كيف يطيق ذلك فلما أدرك الرمز خر صعقاً مغشياً عليه متجردا عن العلائق فانياً عن نفسه فحصل له المطلوب فلما أفاق علم أن طلبه الرؤية فى تلك الحالة التى كان عليها كان سوء أدب فتاب عنه . وذهب الشيخ ابراهيم الكورانى الى أنه عليه السلام رأى ربه سبحانه حقيقة قبل الصدق فصعق لذلك كما دك الجبل للتجلى ، وأيده بما أخرج أبو الشيخ عن أبى هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : «لما تجلى الله تعالى موسى عليه السلام كان يبصر دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء. ، مي مسيرة عشرة فراسخ ، وبما أخرجه عن أبي معشر أنه قال : مكث موسى عليه السلام أربعين ليلة لا ينظر اليه أحد إلامات من فوررب العالمين ، وجمع بين هذا وبين قوله صلى الله تعالى عليه وسلم «إن الله تعالى أعطى موسى الكلام وأعطانى الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود» بأن الرؤية التي أعطاها لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم هي الرؤية مع الثبات والبقاء من غير صعق كما أن الكلام الذي أعطاه موسى كذلك بخلاف رؤية موسى عليه السلام فانها لم تجمع له مع البقاء . وعلى هذا فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث الدجال « إنه أن منكم ربه حتى يموت هو أن أحدا لا يراه في الدنيا مع البقاء ولا يجمع له في الدنيا بينهما ، وفسر الآية بما لا يخلو عن. خفاء . یری أحد والذاهبون الى عدم الرؤية مطلقا يجيبون عما ذكره من حديث أبى هريرة وخبر أبي معشر بأن الثاني ليس فيه أكثر من اثبات سطوع نور الله تعالى على وجه موسى عليه السلام وليس في ذلك اثبات الرؤية الجواز أن يشرق نور منه تعالى على وجهه عليه السلام من غير رؤية فانه لا تلازم بين الرؤية واشراق النور و بأن الاول ليس نصا فى ثبوت الرؤية المطلوبة له عليه السلام لأنها كما قال غير واحد عبارة عن التجلي الذاتي والله تعالى تجليات شتى غير ذلك فلعل التجلى الذي أشار اليه الحديث على تقدير صحة واحد منها ، وقد يقطع بذلك فإنه سبحانه تجلى عليه عليه السلام بكلامه واصطفائه وقربه منه على الوجه الخاص اللائق به تعالى، ولا يبعد أن يكون هذا سببا لذلك الابصار، وهذا أولى مما قيل : إن اللام في لموسى للتعليل ومتعلق تجلى محذوف اى لما تجلى الله تعالى للجبل لأجل ارشاد موسى كان عليه السلام يصر بسبب أشراق بعض أنواره تعالى عليه حين التجلى للجبل ما يبصر . تضوع مسكا بطن نعمان اذ مشت به زينب في نسوة خفرات فالحق الذي لا ينبغي المحيص عنه أن موسى عليه السلام لم يحصل له ماسأل في هذا الميقات ، والذى أقطع به . انه نال مقام قرب النوافل والفرائض الذي يذكره الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم بالمعنى الذي يذكرونه كيفما : .