٤٨ تفسیر روح الم ح المعاني أن المراد هو العلم بهويته الخاصة ، والخطاب لا يقتضى إلا العلم بوجه كمن يخاطبنا من وراء الجدار ، والمراد بالعلم بالهوية الخاصة انكشاف هويته تعالى على وجه جزئى بحيث لا يمكن عند العقل صدقه على كثيرين كما في المرئى بحاسة البصر، ولا شك فى كونه ممكنا فى حقه تعالى لأنه قادر على أن يخلق فى العبد علما ضرورياً بهويته الخاصة على الوجه الجزئى بدون استعمال الباصرة كما يخاق بعده ، وفى عدم لزومه الخطاب فانه إنما يقتضى العلم بالمخاطب بأمور كلية يمكن صدقها على كثيرين عند العقل وإن كانت فى الخارج منحصرة في شخص واحد فهو من قبيل التعقل، وبهذا التحرير يعلم رصانة الايراد ودفع ما أورد عليه ، و يظهر منه ركاكة ما قاله الأمدى. من أن حمل الرؤية على العلم يلزم منه أن يكون موسى عليه السلام غير عالم بر به لئلا يلزم تحصيل الحاصل، ونسبة ذلك إلى الكليم من أعظم الجهالات لأنا نقول العلم بالهوية الخاصة على ماذكرنا ليس من ضروريات النبوة ولا المكالمة ما لا يخفى. نعم يأبى هذا الحمل التعدية كما علمت ويبعده الجواب بلن تراني ولكن انظر الخ ما هو ظاهر وإن تكلف له الزمخشري بما تمجه الاسماع . وقيل: إنه لو ساغ هذا التأويل لساغ مثله في (أرنا الله جهرة) لنساوى الدلالة وهو ممتنع بالاجماع وجهرة لا يزيد على كون النظر موصولا الى ، وأجيب عن قولهم: إنما سأله أن يريه علما من أعلام الساعة بأنه لا يستة يم لثلاثة أوجهه أحدها أنه خلاف الظاهر من غير دليل . ثانيها أنه أجيب بلن ترانى وهو إن كان محمولا على نفى ما وقع السؤال عنه من رؤية بعض الآيات فهو خلف فانه قدأراه سبحانه أعظم الآيات وهو تدكدك الجبل، وإن كان محمولا على نفى الرؤية لزم أن لا يكون الجواب مطابق اللسؤال . ثالثها أن قوله سبحانه: (فان استقر مكانه فسوف ترانى) إن كان محمولا على رؤية الآية فهو محال لأن الآية ليست فى استقرار الجبل بل في تدكدكه وإن كان محمولا على الرؤية لا يكون مرتبطا بالسؤال ، فاذن لا ينبغى حمل ما فى الآية على رؤية الآية ، وعن قولهم : إن الرؤية وقعت لدفع قومه بأن ذلك خلاف الظاهر من غير دليل، وكون الدليل أخذ الصعقة ليس بشيء . وأيضا كان يجب عليه عليه السلام أن يبادر إلى ردعهم وزجرهم عن طلب ما لا يليق بجلال الله تعالى كما قال ( إنكم قوم تجهلون) عند قولهم: (اجعل لنا إلها كمالهم آلهة) وقولهم: إن المقصود ضم الدليل السمعي إلى العقلي ليس بشيء إذ ذلك كان يمكن بطلب إظهار الدليل السمعي له من غير أن يطلب الرؤية مع إحالتها ، وقصته تقدم الكلام فيها ، وما ذكروه في الوجه الخامس ظاهر رده من تقرير الوجه الأول من الوجهين اللذين ذكر هما أهل السنة ، وحاصله أنه يازمهم أن يكون الكليم عليه السلام دون آحاد المعتزلة علما ودون من حصل طرفا من الكلام فى معرفة ما يجوز عليه تعالى ومالا يجوز ، وهذه كلمة حمقاء وطريقة عوجاء لا يسلكها ممن عداهم بذاته تعالى وصفاته العلا مما لا ينبغي أن العقلاء ، فان كون الانبياء عليهم السلام أعلم . ينتطح فيه كبشان ، وكون الرؤية فى الدنيا غير واقعة عند الفريقين إن أريد به أنها غير ممكنة الوقوع فهو أول المسألة وإن أريد أنها ممكنة لكنها لا تقع لأحد فلا نسلم أنه أجمع على ذلك الفريقان، أما المعتزلة فلا تهم لا يقولون بامكانها ، وأما أهل السنة فلان كثيرا منهم ذهب إلى أنها وقعت لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة الاسراء ، وهو قول ابن عباس ، وأنس وغيرهما، وقول عائشة رضى الله تعالي عنها : من زعم أن محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله سبحانه الفرية مدفوع أو مؤول بأن المراد من زعم أن أحد. من
صفحة:روح المعاني09.pdf/48
المظهر