انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤٥

تفسير قوله تعالى : (قال رب أرنى انظر اليك ) الخ ٤٥ عليه السلام إنما سمع الكلام النفسى القائم بذات الله تعالى ولم يكن ماسمعه مختصاً بجهة من الجهات ، وجمله على السماع بالفعل مشكل مع الأخبار الدالة على خلافه ؛ والظاهر أن ذلك إن صح نقله فهو قول رجع عنه إلى مذهب السلف الذي أبان عن اعتقاده له فى الإبانة ( قالَ رَبِّ أرنى ) أى ذاتك أو نفسك فالمفعول الثاني محذوف لأنه معلوم ، ولم يصرح به تأدبا ( أنظر اليك ( مجزوم في جواب الدعاء ، واستشكل بأن الرؤية مسبية عن النظر متأخرة عنه كما يريك ذلك النظر إلى قولهم: نظرت اليه فرأيته ، ووجهه أن النظر تقليب الحدقة نحو الشيء التماساً لرؤيته والرؤية الادراك بالباصرة بعد التقليب وحينئذ كيف يجعل النظر جوابا لطلب الرؤية مسبباً عنه وهو عكس القضية * وأجيب بأن المراد بالارادة ليس إيجاد الرؤية بل التمكن منها مطلقا أو بالتجلى والظهور وهو مقدم على النظر وسبب له ، ففى الكلام ذكر الملزوم وإرادة اللازم أى مكنى من رؤيتك أو تجل لي فأنظر اليك وأراك قال استئناف بياني كأنه قيل : فماذا قال رب العزة حين قال موسى عليه السلام ذلك ، فقيل : قال: أن ترسنى ) أى لا قابلية لك لرؤيتي وأنت على ما أنت عليه ، وهو نفى للاراءة المطلوبة على أتم وجه ولكن أنظر إلى الجيل ) إستدر الك البيان أنه عليه السلام لا يطيق الرؤية ، والمراد من الجبل طور سيناء كما ورد في غير ما خبر ، وفي تفسير الخازن وغيره أن اسمه زبير بزاى مفتوحة وباء موحدة مكسورة وراء مهملة بوزن أمير ( فان أستقر مَكَانَهُ ) ولم يفتته التجلى ) فَسَوفَ تَرَانى ( إذا تجليت لك ( فلما تجلى ربه للجبل ) أي ظهر له على الوجه اللائق بجنابه تعالى بعد جعله مدركا لذلك وجعله دكا كم أى مدكونا متفتتا والدك والدق أخوان كالشك والشق . وقال شيخنا الكورانى : إن الجبل مندرج في الاشياء التي تسبح بحمد الله بنص ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده المحمول على ظاهره عند التحقيق المستلزم للكونه حيا مدركا حياة وإدراكا لاثقين بعالمه ونشأته ، وقيل : هذا مثل لظهور اقتداره سبحانه وتعلق إرادته بما فعل بالجبل لا أن ثم تجليا وهو نظير ما قرر فى قوله تعالى . ) أن يقول له كن فيكون ( من أن المراد أن ما قضاه سبحانه وأراد كونه يدخل تحت الوجود من غير توقف لا أن ثمة قولا . وتعقبه صاحب الفرائد بأن هذا المعنى غير مفهوم من الآية لأن تجلى مطاوع جليته أى أظهرته يقال: جليته فتجلى أى أظهرته فظهر ولا يقدر تجلى اقتداره لأنه خلاف الاصل، على أن هذا الحمل بعيد عن المقصود بمراحل . وأخرج أحمد . وعبد بن حميد . والترمذي وصححاه . والبيهقي وغيرهم من طرق عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ هذه الآية ( فلما تجلى ربه ( الخ قال هكذا وأشار باصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر - وفي لفظ - على الخنصر فساخ «الجبل وعن ابن عباس أنه قال ما تجلى منه سبحانه للجبل الاقدر الخنصر فجعله ترابا، وهذا ما لا يخفى من المتشابهات التي يسلك فيها طريق التسليم وهو أسلم وأحكم أو التأويل بما يليق بجلال ذاته تعالى . وقر أحمزة والكسائي (دكاء) بالمدأى أرضا مستوية ، ومنه قولهم ناقة دكاء للتي لم يرتفع سنامها . وقرأ يحي بن وثاب (دكا) بضم الدال والتنوين جمع دكاء كحمر و حمراء أي قطعا دكا فهو صفة جمع، وفي شرح التسهيل لأبي حيان أنه أجرى بحري الاسماء فاجرى على المذكر ( وخر موسى ) أى سقط من والحاكم و المفصل الأعلى. من .