٤٤ تفسير روح المعاني I ( تم ) معنى بلغ ، وقيل : إن تم من الافعال الناقصة وهذا خبره وهو خبر غريب ، وقيل : إنه منصوب على الظرفية . وأورد عليه أنه كيف تكون الاربعين ظرفا للتمام والتمام إنما هو بآخرها إلا أن يتجوز فيه . وَقَالَ مُوسَى ) حين توجه إلى المناجاة حسبما أمر به ( لأخيه هَرُونَ ) اسم أعجمى عبراني لم يقع في كلام العرب بطريق الاصالة ، و يكتب بدون الف ، وهو هنا بفتح النون على أنه مجرور بدلا من أخيه أو بيانا له ، أو منصوب مفعولا به لمقدر أعنى أعنى وقرى شاذا بالضم على أنه خبر مبتدأ محذوف هو هو ا أو منادى حذف منه حرف النداء أى يا هرون أخلفى ) أى كن خليفتي في قومى ) وراقبهم فيما يأتون وما يذرون ، واستخلافه عليه السلام لأخيه مع أنه عليه السلام كان نبيا مر سلا مثله قيل : لأن الرئاسة كانت له دونه ، واجتماع الرياسة مع الرسالة والنبوة ليس أمر الازما كما يرشد إلى ذلك سبر قصص أنبياء بني اسرائيل ، وذكر الشيخ الاكبر قدس سره في فتوحاته أن هرون ذكر له أنه نبي بحكم الاصالة ورسول بحكم التبعية فلعل هذا الاستخلاف من آثار تلك التبعية ، وقيل : إن هذا ما يقول أحد المأمورين بمصلحة للآخر إذا أراد الذهاب لأمر : كن عوضا عنى على معنى ابذل غاية وسعك ونهاية جهدك بحيث يكون فعلك فعل شخصين ( وأصلح ) مايحتاج R إلى الاصلاح من أمور دينهم ، أو كن مصلحا على أنه منزل منزلة اللازم من غير تقدير مفعول . وعن ابن عباس أنه يريد الرفق بهم والاحسان اليهم ، وقيل : المراد احملهم على الطاعة والصلاح وَلَا تَتبع سيل المفسدين (١٤٢) أى ولا تتبع سبيل من سلك الافساد بدعوة وبدونها، وهذا من باب التوكيد ما لا يخفى ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لميقاتنا ) أى لوقتنا الذى وقتناه أى تمام الأربعين، واللام للاختصاص كما في قوله سبحانه : (لدلوك (الشمس) وهى بمعنى عند عند بعض النحويين ) وكلمه ربه ) من غير واسطة بحرف هذا لا يشبه كلام المخلوقين ولا محذور فى ذلك. كما أوضحناه في الفائدة الرابعة ، وإلى ماذكر وصوت ومع ذهب السلف الصالح ، وقد أخرج البزار . وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لما ظلم الله تعالى موسى يوم الطور نامه بغير الكلام الذي كلمه . ناداه فقال له موسى : يارب أهذا كلامك الذى كلمتنى به ؟ قال ياموسى : أنا كلمتك يوم بقوة عشرة آلاف لسان ولى قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى صف لنا كلام الرحمن ، فقال : لا تستطيعونه ألم تروا إلى صوت الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتوه فذاك قريب منه وليس به » . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم . والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال : إنما كلم الله تعالى موسى بقدر ما يطيق من كلامه ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء، وأخرج جماعة عن كعب قال : ولما ظلم الله تعالى موسى ظمه بالألسنة كلها فجعل يقول : يارب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته الخبر ، وأخرجوا عن ابن كعب القرظى أنه قال : قيل لموسى عليه السلام ما شبهت كلام ربك مما خلق ؟ فقال عليه السلام: بالرعد الساكن، وأخرج الديلى عن أبي هريرة مرفوعا لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه ظلمه ألف كلمة ومائتي كلمة فأول ماكلمه بالبربرية ، ونقل عن الأشعرى أن موسى
صفحة:روح المعاني09.pdf/44
المظهر