٤٢ تفسير روح المعاني أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وأما الانبياء والملائكة عليهم السلام فلا يدخلون في المفضل عليهم بوجه بل هم خارجون عن ذلك بقرينة عقلية ، والجملة حالية مقررة لوجه الانكار، أى والحال أنه تعالى خص التفضيل بكم فأعطاكم نعما لم يعطها غيركم ، وفيه تنبيه على ما صنعوا من سوء ا المعاملة والمقابلة حيث قابلوا التفضل بالتفضيل والاختصاص بأن قصدوا أن يشركوا به أخس مخلوقاته ؛ وهذا الاختصاص مأخوذ من معنى الكلام والافليس فيه ما يفيد ذلك ، وتقديم الضمير على الخبر لا يفيده وإن كان اختصاصا آخر على ماقيل، أي هو المخصوص بأنه فضلكم على من سواكم ، وجوز أبو البقاء كون الجملة مستأفة ( وإذ انجينكم من مال فرعون بإهلاكهم وتخليصكم منهم، وإذ إما مفعول به لاذكروا محذوفا بناء على القول بأنها تخرج عن الظرفية أى اذكروا ذلك الوقت ويكون ذلك كناية عن ذكر مافيه وإما ظرف لمفعول اذكروا المحذوف أى اذكروا صنيعنا معكم في ذلك الوقت ، وهو تذكير من جهته تعالى بنعمته العظيمة وقرى (نجيناكم) من النجية ، وقرأ ابن عامر (أنجاكم) فيكون من قول موسى عليه السلام ، وقال بعضهم : إنه على قراءة الجمهور أيضا كذلك على أن ضمير أنجين الموسى وأخيه عليهما السلام أولهما ولمن معهما أوله وحده عليه السلام مشيرا بالتعظيم إلى تعظيم أمر الانجاء وهو خلاف الظاهر ، وقيل : إنه من كلام الله تعالى تتميمها الكلام موسى . عليه السلام كما في قوله تعالى : ( فأخرجنا به أزواجا ) بعد قوله سبحانه : ( هو الذي جعل لكم الأرض مهادا ) وهو كالتفسير لقوله سبحانه: ( وهو فضلكم ) . وقوله تعالى: ( يسومونكم سوء العذاب) أى يولونكم ذلك ويكلفونكم إياه إما استئناف بياني ، كأنه قيل : ما فعل بهم أو مم أنجوا؟ فأجيب بما ذكر، وإما حال من ضمير المخاطبين أو من آل فرعون أو منهما مع الاشتماله على ضميرهما ، وقوله عز اسمه : ( يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم بدل من يسو مونكم مبين ١٠ of له ، ويحتمل الاستئناف أيضا ) وفى ذلكم ) الانجاء أو سوء العذاب ( بلا ) نعمة أو محنة ، وقيل : المراد به ما يشملهما ) من ربكم أى مالك أموركم عظيم ١٤١) لا يقادر قدره . وفي الآية التفات على بعض ما تقدم، ثم إن هذا الطلب لم يكن كما قال محيى ا السنة البغوى عن شك منهم بوحدانية الله تعالى وإنما كان غرضهم إلها يعظمونه ويتقربون بتعظيمه إلى الله تعالى وظنوا أن ذلك لا يضر بالديانة وكان ذلك لشدة جهلهم ما أذنت به الآيات ، وقيل : إن غرضهم عبادة الصنم حقيقة فيكون ذلك ردة منهم ، وأيا ما كان فالقائل بعضهم لا ظلهم، وقد اتفق فى هذه الأمة نحو ذلك فقد أخرج الترمذى وغيره عن أبي واقد الليثي « أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خرج في غزوة حنين فمر بشجرة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم ويعكفون حولها يقال لها ذات أنواط فقالوا يارسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم «سبحان الله، وفي رواية «الله أكبر» هذا كما قال بنو اسرائيل لموسى عليه السلام اجعل لنا إلها كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم ، وأخرج الطبراني وغيره من طريق كثير عوف عن أبيه عن جده و قال غزونا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عام الفتح و نحن ألف ونيف ففتح الله تعالى مكة وحنينا حتى إذا كنا بين حنين والطائف في أرض فيها سدرة عظيمة كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط فكانت تعبد من دون الله فلما رآها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صرف الله بن عبد بن
صفحة:روح المعاني09.pdf/42
المظهر