انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤١

تفسير قوله تعالى: (قال إنكم قوم تجهلون) الخ ولهم متعلق بفعل أى كما ثبت لهم قَالَ إنكم قوم تجهلون ١٣٨ ) تعجب عليه السلام من قولهم هذا بعد ما شاهدوه من الآية الكبرى والبيئة العظمى فوصفهم بالجهل على أتم وجه حيث لم يذكر له متعلقا ومفعولا لتنزيله منزلة اللازم أو لأن حذفه يدل على عمومه أى تجهلون كل شيء فيدخل فيه الجهل بالربوبية بالطريق الأولى، وأكد ذلك بان ، وتوسيط قوم وجعل ما هو المقصود بالأخبار وصفاً له ليكون كما قال العلامة كالمتحقق المعلوم وهذه كما ذكر الشهاب نكتة سرية فى الخبر الموطئ لادعاء أن الخبر لظهور أمره وقيام الدليل عليه كأنه معلوم متحقق فيفيد تأكيده وتقريره ولولاه لم يكن لتوسيط الموصوف وجه من البلاغة ) إن هؤلاء أى القوم الذين يعكفون على هذه الاصنام ) متبر ) أي مدمر مهلك كما قال ابن عباس ( ماهم فيه ) من الدين يعنى يدمر الله تعالى دينهم الذي . هم عليه على يدى ويهلك أصنامهم ويجعلها فتاتاً و وبحال ) أى مضمحل بالكلية ، وهو أبلغ من حمله على خلاف الحق ( مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٣٩) أى ما استمروا على عمله من عبادتها وإن قصدوا بذلك التقرب إلى الله تعالى وأن المراد أن ذلك لا ينفعهم أصلا، وحمل (ما كانوا يعملون على الاصنام لأنها معمولة لهم خلاف الظاهر جدا ، والجملة تعليل لاثبات الجهل المؤكد للقوم ، وفى إيقاع اسم الاشارة كما فى الكشاف أسما لإن وتقديم خبر ا المبتدأ . من الحملة الواقعة وسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار وأنه لا يعدوهم البتة وأنه لهم ضربة لازب ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض اليهم ما أحبوا ، ووجه ذلك على ما فى الكشف أن اسم الاشارة بعد إفادة الاحضار وأكمل التمييز يفيد أنهم أحقاء بما أخبر عنه به بواسطة ما تقدم من العكوف ، والتقديم يؤذن بأن حال ما هم فيه ليست غير التبار وحال عملهم ليست إلا البطلان فهم لا يعدونهما فهما لهم ضربة لازب * وجوز أبو البقاء أن يكون ( ما هم فيه) فاعل متبر لاعتماده على المسند اليه وهو فى نفسه مساو لاحتمال أن يكون خبراتها ما هم فيه فيه مبتدأ ومتبر خبر له أو ارجح منه إلا أن المقام كما قال القطب وغيره اقتضى ذلك فليفهم * ) قَالَ أَغير الله أبغيكم إلهَا ) قيل: هذا هو الجواب وما تقدم مقدمة وتمهيدله ، ولعله لذلك اعيد لفظ قال : وقال شيخ الاسلام : هو شروع فى بيان شؤون الله تعالى الموجبة لتخصيص العبادة به سبحانه بعد بيان أن ماطلبوا عبادته مما لا يمكن طلبه أصلا لكونه هالـكا باطلا أصلا ولذلك وسط بينهما قال مع كون كل منهما كلام موسى عليه السلام ، وقال الشهاب : أعيد لفظ قال مع اتحاد ما بين القائلين لأن هذا دليل خطابي بتفضيلهم على العالمين، ولم يستدل بالتمانع العقلى لأنهم عوام انتهى ، وفى إقامة برهان التمانع على الوثنية القائلين إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى والمجيبين إذا سئلوا من خلق السموات والأرض بخلقهن الله خفاء ، والظاهر إقامته على التنويه كما الا يخفى والاستفهام للانكار وانتصاب (غير) على أنه مفعول أبغيكم وهو على الحذف والايصال، والاصل أبغى لكم ، وعلى ذلك يخرج كلام الجوهرى وإن كان ظاهره أن الفعل متعد لمفعولين والهاء تمييز ، وجوز أبو البقاء أن يكون مفعولا به لا بغى وغير صفة له قدمت فصارت حالا، وأيا ما كان فالمقصود هنا اختصاص الانكار بغيره تعالى دون إنكار الاختصاص، والمعنى أغير المستحق للعبادة أطلب لكم معبودا ( وهو فضلكم على العالمين ) أى عالمى زمانكم أو جميع العالمين، وعليه يكون المراد تفضيلهم بتلك الآيات لا مطلقا حتى يلزم تفضيلهم على تفسير روح المعاني ) -