٣٦ تفسير روح المعاني وسميت النبوة عهدا كما قال العلامة الثانى : لأن الله تعالى عهد اكرام الأنبياء عليهم السلام بها وعهدوا اليه تحمل أعبائها ، أو لأن لها حقوقاً تحفظ كما تحفظ العهود ، أو لأنها بمنزلة عهد ومنشور منه جل وعلا أو بالذي عهد اليك أن تدعوه به فيجيبك كما أجابك في آياتك ، ( فما ) موصولة والجار والمجرور صلة لادع- أو حال من الضمير فيه ، يعنى ادع الله تعالى متوسلا بما عهد عندك ، ويحتمل أن تكون الباء للقسم الاستعطافى كما يقال : بحياتك افعل كذا ، فالمراد استعطافه عليه السلام لأن يدعو ، وأن تكون للقسم الحقيقي وجوابه ن كَشَفتَ عنا الرجز ) الذى وقع علينا ) لنؤمنن لك ولنرسلَن مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي أقسمنا بعهد الله تعالى عندك ( لئن كشفت ) الخ ، وخلاصة ماذكروه في الباء هنا أنها إما للالصاق أو للسببية أو للقسم بقسميه ( فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه ) أى إلى حد من الزمان هم واصلون اليه ولا بد معذبون فيه أو مهلكون ، وهو وقت الفرق ذا روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ، أو الموت ما روى عن الحسن ، والمراد أنجيناهم من العذاب إلى ذلك الوقت ، ومن هنا صح تعلق الغاية بالكشف ، ولا حاجة إلى جعل الجار والمجرور متعلقا بمحذوف وقع حالا من الرجز خلافا لزاعمه . وقيل : المراد بالأجل ماعينوه لإيمانهم ) إذا هم ينكنونَ ١٣٥) أى ينقضون العهد ، وأصل النكث فل طاقات الصوف المغزول ليغزل ثانيا فاستعير لنقض العهد بعد إبرامه ، وجواب (لا) فعل مقدر يؤذن به إذا الفجائية لا الجملة المقترنة بها، وإن قيل به تساهل، أى فلما كشفنا عنهم ذلك فاجأوا بالنكث من غير توقف وتأمل كذا قيل، وعليه فكلا الاسمين أعنى لما وإذا معمول لذلك الفعل على أن الأول ظرفه ، والثاني مفعوله قاله العلامة ، والداعى لذلك المحافظة على ما ذهبوا اليه من أن ما يلى كلمة لما من الفعلين يجب أن يكون ماضياً لفظاً أو معنى ، إلا أن مقتضى ماذكروا من أن إذ وإذا المفاجأة فى موقع المفعول به للفعل المتضمنين هما إياه أن يكون التقدير فاجأوا زمان النكث أو مكانه . " ° وقد يقال أيضا : تقدير الفعل تكلف مستغنى عنه إذ قد صرحوا بأن لما تجاب باذا المفاجأة الداخلة على الجملة الاسمية ، نعم هم يذكرون ما يوهم التقدير وليس به بل هو بيان حاصل المعنى وتفسير له فتدبر . فانتقمنا منهم أى فأردنا الانتقام منهم، وأول بذلك ليتفرع عليه قوله سبحانه: ( فأغرقتام وإلا فالاعراف عين الانتقام فلا يصح تفريعه عليه . وجوز أن تكون الفاء تفسرية وقد اثبتها البعض كما في قوله تعالى : ونادى نوح ربه فقال رب ) الخ وحينئذ D لاحاجة الى التأويل في اليم ( أى البحر كما روى عن ابن عباس ، والسدى رضى الله تعالى عنهم ، ويقع على ما كان ملحا زعافا وعلى النهر الكبير العذب الماء ولا يكسر ولا يجمع جمع السلامة ، وقال الليث : هو البحر الذي لا يدرك قعره ، وقيل : هو لجة البحر وهو عربى فى المشهور . وقال ابن قتيبة : إنه سرياني واصله كما قيل يما فحرب الي ماترى والقول بأنه اسم للبحر الذي غرق فيه فرعون غريق فى يم الضعف بأنهم كذبوا بآياتنا ) تعليل للاغراق يعنى أن سبب الاغراق وما استوجبوا به ذلك العقاب هو التكذيب بالآيات العظام وهو الذي اقتضى تعلق ارادة الله تعالي به تعلقا تنجيزيا وهذا لا ينافي تفريع الارادة على النكث لأن التكذيبه و
صفحة:روح المعاني09.pdf/36
المظهر