انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/32

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٣٢
تفسير روح المعاني

٣٢ تفسير روح المعاني > ss. و جدب أو جدب ومرض أو عقوبة وبلاء لا يطيروا بموسى ومن معه ) أي يتشاءموا بهم ويقولوا: ما أصابنا ذلك الا بشؤمهم ، وأصل اطلاق التطير على التشاؤم على ما قال الازهرى إن العرب كانت تزجر الطير فتتشاءم بالبارح وتقيمن بالسائح. وفى المثل من إلى بالسائح بعد البارح ، قال أبو عبيدة: سأل يونس رؤبة وأنا شاهد عن السائح والبارح فقال: السائح ما ولاك ميامنه والبارح ماولاك مياسره ، وقيل : البارح ما يأتي من جهة الشمال والسائح ما يأتى من جهة اليمين وانشدوا : زجرت لها طير الشمال فان يكن هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها ثم انهم سموا الشوم طيرا و طائرا والتشاؤم تطيرا، وقد يطلقون الطائر على الحظ والنصيب خيرا أو شرا حتى قيل : إن أصل التطير تفريق المال وتطييره بين القوم فيطير لكل أحد نصيبه من خير أوشر ثم غلب في الشر. وفي الآية اغراق في وصفهم بالغباوة والقساوة فان الشدائد ترقق القلوب وتذلل العرائك وتزيل التماسك لا سيما بعد مشاهدة الآيات وقد كانوا بحيث لم يؤثر فيهم شيء منها بل ازدادوا عتوا وعنادا ، وتعريف الحسنة وذكرها بأداة التحقيق كما قال غير واحد لكثرة وقوعها وتعلق الارادة بإحداثها بالذات لأن العناية الالهية اقتضت سبق الرحمة وعموم النعمة قبل حصول الاعمال ، وتنكير السيئة وذكرها بأداة الشك لندورها و عدم تعلق الارادة بإحداثها الا بالتبع فان النقمة بمقتضى تلك العناية إنما تستحق بالاعمال * والزمخشرى بين الحسنة بالخصب والرخاء ثم قال في تعليل ما ذكر : لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه وأما السيئة فلا تقع إلا فى الندرة ولا يقع إلا شيء منها . وقال صاحب الكشف : ذلك إشارة إلى أن التعريف للعهد الخارجى التقريرى بدليل أنه ذكر فى مقابلة قوله سبحانه: ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) وقوله : لأن الجنس الخ أي جنس الخصب والرخاء وفيه مبالغة أى إنه لكثرة الوقوع كأن الجنس كله واجب الوقوع ، ولهذا لا يزال يتكاثر حتى يستغرق الجنس. وقوله : وإما السيئة الخ في مقابلة ذلك دليل بين على إرادة هذا المعنى فلا تخالف بين كلاميه ولم يرد بالجنس العهد الذهني وهذا مراد صاحب المفتاح و به يندفع ما تو همه صاحب الايضاح انتهى. وفيه تعريض بشيخه الطيبي حيث حمل الجنس على العهد الذهنى وقال ماقال والبحث طويل الذيل فليطلب من شروح المفتاح وشرح التلخيص للعلامة الثانى وحواشيه، وقوله سبحانه وتعالى: ألا إنما طائرهم عند الله ) استئناف مسوق من قبله تعالى لرد مقالتهم الباطلة وتحقيق للحق في ذلك وتصديره بكلمة التنبيه لابراز كمال العناية بمضمونه أى ليس شؤمهم إلا عند الله أى من قبله وحكمه بما قال ابن عباس ، وقال الزجاج : المعنى ليس الشؤم الذي يلحقهم إلا الذي وعدوا به من العقاب عنده لا ما ينالهم في الدنيا ، وقال الحسن : المعنى الا إنما تشاءموا محفوظ عليهم حتى يجازيهم الله تعالى به يوم القيامة ، وفسر بعضهم الطائر هنا بالحظ أي إنما حظهم وماطار اليهم من القضاء والقدر بسبب شؤمهم عند الله ، وقرأ الحسن (إنما طيرهم) وهو اسم جمع طائر على . الصحيح لأنه على أوزان المفردات ، وقال الأخفش هو جمع له ، وروى عن قطرب أن الطير يكون واحدا و جمعا وكذا الطائر، وأنشد ابن الاعرابي : نانه تهتان يوم ماطر على رءوس كروس الطائر ولكن أكثرهُمْ لَا يَعْدُونَ (١٣١) ذلك فيقولون ما يقولون ، وأستاد عدم العلم إلى أكثرهم للاشعار بأن