انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/31

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٣١

مبحث في قوله تعالى : ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) الخ 1 0 إلى الشكر وتحذير لهم عن الوقوع فى مهاوى الكفر ، وقيل : فيه اشارة إلى ما وقع منهم بعد ذلك. وَلَقَد أخذنا مال فرعون بالسنين ) شروع فى تفصيل مبادى الهلاك الموعود به وإيذان بأنهم لم يمهلوا حتى تحولوا من حال إلى حال إلى أن حل بهم عذاب الاستئصال ، وتصدير الجملة بالقسم لاظهار الاعتناء بمضمونها، والمراد بال فرعون أتباعه من القبط ، وإضافة الآل اليه وهو لا يضاف الا إلى الاشراف المافيه من الشرف الدنيوى الظاهر وإن كان فى نفس الأمر خسيسا، وعن الخطيب أن المراد فرعون وآله ، والسنين جمع سنة والمراد بها عام القحط وقد غلبت فى ذلك حتى صارت كالعلم له لكثرة ما يذكر ويؤرخ به ولا كذلك العام الخصب، ولامها واو أوها. ، وقد اشتقوا منها فقالوا : أسنت القوم إذا قحطوا ، وقلبوا اللام تاء ليفرقوا بين ذلك وقولهم اسنى القوم إذا لبثوا في موضع سنة ، قال المازني وهو شاذ لا يقاس عليه ، وقال الفراء : توهموا أن الهاء أصلية إذ وجدوها أصلية فقلبوها تام وجاء أصابتنا سنية حمراء أى جدب شديد فالتصغير للتعظيم واجراء الجمع مجرى سائر الجموع السالمة المعربة بالحروف هو اللغة المشهورة واللغة الاخرى اجراء الاعراب على النون لكن مع الياء خاصة فيسلك فيه مسلك حين فى الاعراب بالحركات الثلاث مع التنوين عند بني عامر وبنو تميم لا ينونون تخفيفا وحينئذ لا تحذف النون للاضافة وعلى ذلك جاء قول الشاعر : عنده دعانى من نجد فان سنينه لعين بنا شيبا وشيبننا مردا ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف عليه السلام ، وجاء في رواية أخرى اللهم أعنى عليهم بستين كسنى يوسف عليه السلام» وهو على اللغة المشهورة ونقص من النمرات ) بكثرة علامات الثمار وخروج اليسير منها حتى لا تحمل النخلة كما روى عن رجاء بن حيوة الابسرة واحدة وكان القحط على ما أخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة في باديتهم وأهل ماشيتهم والنقص في أمصارهم وقراهم ، وأخرج الحكيم الترمذى فى نوادر الأصول ، وابن ابى حاتم عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: لما أخذ الله تعالى آل فرعون بالسنين يبس كل شيء لهم وذهبت مواشيهم حتى يبس نيل مصر فاجتمعوا الى فرعون وقالوا له : ان كنت تما تزعم فائتنا في نيل مصر : بماء فقال: غدوة يصبحكم الماء فلما خرجوا من قال أي شيء صنعت ؟ أنا لا أقدر على ذلك فغداً يكذبوني ، فلما كان جوف الليل قام واغتسل ولبس مدرعة صوف ثم خرج حافياً حتى أتى النيل فقام في بطنه فقال : اللهم إنك تعلم أني أعلم أنك تقدر على أن ماء فاملأه ماء فما علم الا بخرير الماء يقبل فخرج وأقبل النيل مترعا بالماء لما أراد الله تعالى من الملكة ، وهذا ان صح يدل على أن الرجل لم يكن دهر يا نافيا للصانع كما قال البعض لعلهم يذكرون) أي لكي يتعظوا فيتركوا ما هم عليه أول كي يذكروا الله تعالى فيتضر عوا له ويلتجئوا اليه رغبة فيما عنده، وقيل: لكى يتذكروا أن فرعون لو كان الها لدفع ذلك الضر * و عن الزجاج أنهم إنما أخذوا بالضراء لأن أحوال الشدة ترقق القلوب وترغب فيما عند الله تعالى الا ترى قوله تعالى ( واذا مسه الشر فذو دعاء عريض) فاذا جاءتهم الحسنة ( الخ بيان لعدم تذكرهم وتماديهم في الغى، والمراد بالحسنة كما يفهمه ظاهر كلام البعض الخصب والرخاء ، وفسرها مجاهد بالرخاء والعافية وبعضهم بأعم من ذلك أى إذا جاءهم ما يستحسنونه ( قالُوا لَنَا هَذه أى إنا مستحقوها بيمن الذات وإن تصبهم سيئة ) أى ضيقة تملا نيل مصر بهم