انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٣٠
تفسير روح المعاني

تفسير روح المعاني ورثها مَن يَشَاء من عباده والعقبة للمتقين ١٢٨ ) الذين انتم منهم ، وحاصله أنه ليس الأمر كما قال فرعون: ( إنا فوقهم قاهرون ( فان القهر والغلبة لمن صبر واستعان بالله ولمن وعده الله تعالى توريث الأرض وأنا ذلكم الموعود الذي وعدكم الله تعالى النصرة به وقهر الاعداء وتوريث أرضهم ، وقوله : ( والعاقبة ) الخ تقرير لما سبق . عليه 0 وقرأ أبي . وابن مسعود (والعاقبة) بالنصب عطفا على اسم أن ( قالوا كم أى قوم موسى له عليه السلام أوذينا من جهة فرعون من قبل أن تأتينا بالرسالة يعنون بذلك قتل الجبار أولادهم قبل مولده و بعده إذ قيل له : يولد لبنى إسرائيل غلام يسلبك ملكك ويكون هلاكك على يديه ( ومن بعد ما جنتنا ) أي رسولا يعنون به ما توعدهم به من إعادة قتل الابناء وسائر ما كان يفعل بهم لعداوة موسى عليه السلام من فنون الجور و العذاب ، وقيل : إن نفس ذلك الايعاد إيذاء ، وقيل : جعل إبعاده بمنزلة فعله لكونه جبارا . وقيل : أرادوا الايذاء بقتل الأبناء قبل مولد موسى عليه السلام و بعد مولده ، وقيل : المراد ما كانوا يستعبدون به ويمتهنون فيه من أنواع الخدم والمهن ، وتعقب بأن ذلك ليس مما يلحقهم بواسطة موسى . السلام فليس لذكره كثير ملاءمة بالمقام ، والظاهر أنه لا فرق بين الاتيان والمجئ وإن الجمع بينهما للتفنن والبعد عن التكرار اللفظى فان الطباع مجبولة على معاداة المعادات ، ولذلك جيء بأن المصدرية أولا و بما اختها ثانياً . وذكر الجلال السيوطى فى الفرق بينهما أن الاتيان يستعمل في المعانى والأزمان والمجيء في الجواهر والأعيان وهو غير ظاهر هنا إلا أن يتكلف ، ونقل عن الراغب فى الفرق بينهما أن الاتيان هو المجيء بسهولة فهو أخص من مطلق المجي" و هو كسابقه هنا أيضا ، وهذا منهم جار مجرى التحزن لعدم الاكتفاء بما كني لهم عليه السلام لفرط ما عراهم وفظاعة ما اعتراهم ، والمقام يقتضى الإطناب فان شأن الحزين الشاكي إطالة الكلام رجاء أن يطفئ بذلك بعض الاوام ، وقيل : هو استبطاء منهم لما وعدهم عليه السلام من النجاة والظفر والأول أولى فقوله تعالى : ( قَالَ عَسى ربكم ان يهلك عدوكم ( الذى فعل بكم . افعل و توعدكم بما توعده و ويستخلف كم ) أي يجعلكم خلفاء ) في الأرض ( أى أرض مصر تصريح بما كنى عنه وتوكيد للتسلية على أبلغ وجه ، وفيه ادماج معنى من عادى أولياء الله تعالى فقد بارزه بالمحاربة وحقله الدمار والخسار. وعسى في مثله قطع فى إنجاز الموعود والفوز بالمطلوب ، ونص غير واحد على أن التعبير به للجرى على سنن الكرماء . وقيل : تأدبا مع الله تعالى وإن كان الأمر مجزوما به بوحي و إعلام منه سبحانه وتعالى ، وقيل : إن ذلك لعدم الجزم منه عليه السلام بأنهم المستخلفون بأعيانهم أو أولادهم ، فقد روى أن مصر إنما فتحت في ز من داود عليه السلام * وتعقب بأنه لا يساعده قوله تعالى : ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ) فان المتبادر استخلاف المستضعفين أنفسهم لا استخلاف أولادهم ، والمجاز خلاف الاصل . نعم المشهور أن بني إسرائيل بعد أن خرجوا مع موسى عليه السلام من مصر لم يرجعوا اليها في حياته ، وفى قوله سبحانه : ) فينظر ( أى يرى أو يعلم هو كيف تعملون ( أحسنا أم قبيحا فيجازيكم حسبما يظهر منكم من الاعمال ارشادهم