تقديم السجود على هذا القول * تفسير قوله تعالى : (قال فرعون آمنتم به) الخ ٢٧ وقال الخازن فى ذلك : إن الله تعالى لما قذف فى قلوبهم الإيمان خروا سجدا الله تعالى على ما هداهم اليه وألهمهم من الايمان ثم أظهروا بذلك إيمانهم ، وقيل : إنهم بادروا إلى السجود تعظيما لشأنه تعالى لمارأوا من عظيم قدرته ثم إنهم أظهروا الايمان، ومن جعل الجملة حالا قال بالمقارنة فافهم، وأول من بادر بالايمان كما روى عن ابن إسحق الرؤساء الأربعة الذين ذكرهم ابن الجوزى ثم اتبعتهم السحرة جميعا ( قال فرعون ) منكرا على السحرة مو بخا لهم على ما فعلوه امنتم به ( أى برب موسى وهرون أو بالله تعالى لدلالة ذلك عليه أو بموسى عليه السلام قيل لقوله تعالى في آية أخرى : ( آمنتم له) فان الضمير فيهاله عليه السلام لقوله سبحانه : (إنه لكبيركم الخ ، والمقصود من الجملة الخبرية التوبيخ لأن الخبر إذا لم يقصد به فائدته ولا لازمها تولد منه بحسب المقام ما يناسبه، وهنا لما خاطبهم الجبار بما فعلوا مخبرا لهم بذلك مع ظهور عدم قصد إفادة أحد الأمرين والمقام هو المقام أفاد التوبيخ والتقريع ، ويجوز أن تقدر فيه الهمزة بناء على اطراد ذلك والاستفهام للانكار بمعنى أنه لا ينبغى ذلك ، ويؤيد ذلك قراءة حمزة والكسائي. وأبي بكر عن عاصم . وروح عن يعقوب (أآمنتم) بهمزتين محققتين وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين مما قرى به أيضا . قبل أن آذَنَ لَكُمْ ) أى قبل أن آمركم أنا بذلك وهو على حد قوله تعالى : (لنفد البحر قبل أن تنفقد ظلمات ربي) لا أن الاذن منه ممكن فى ذلك وأصل آذن أذن بهمزتين الأولى للتكلم ، والثانية من صلب الكلمة قلبت الفا لوقوعها ساكنة بعد همزة ) إِنَّ هَذَا ) الصنيع لكر مكرتموه ) لحيلة احتلتموها أنتم وموسى وليس مما اقتضى الحال صدوره عنكم لقوة الدليل وظهور المعجزة ، وهذا تمويه منه على القبط يريهم أنهم ما غلبوا و لا انقطعت حجتهم ، قيل : وكذا قوله : (قبل أن آذن لكم) ( فى المدينة ) أى فى مصر غدا قبل أن تخرجوا إلى الميعاده أخرج ابن جرير . وأبو الشيخ عن ابن مسعود و ناس من الصحابة قال: التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى : أرأيتك ان غلبتك أتؤمن لى وتشهد ان ما جئت به حق فقال الساحر : لآتين ا بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأ ومنن بك ولا شهدن انك حق و فرعون ينظر اليهم وهو الذي نشأ عنه هذا القول لتخرجوا منها أهلها ) أى القبط و تخلص ليكم ولبنى اسرائيل فسوف تعلمون معاقبة مافعلتم، وهذا وعيد ساقه بطريق الاجمال للتهويل ثم عقبه بالتفصيل فقال : لا قطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ) أي من كل جانب عضوا مغايرا للاخر كاليد مرجانب والرجل من آخر ، والجار فى موضع الحال أي مختلفة، والقول بأن ( من ) تعليلية متعلقة بالفعل أى لاجل خلافكم بعيد ثم لا صلبتكم اجمعين ) تفضيحا لكم وتنكيلا لأمثالكم، والتصليب مأخوذ من الصلب و هو الشد على خشبة أو غيرها و شاع في تعليق الشخص بنحو حبل في عنقه ليموت وهو المتعارف اليوم ، ورأيت في بعض الكتب أن الصلب الذي عناه الجبار هو شد الشخص تحت الابطين وتعليقه حتى يهلك ، وهو كقطع الايدى والارجل أول من سنه فرعون على ما أخرجه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما، وشرعه الله تعالى لقطاع الطريق تعظيما الجرمهم ولهذا من
صفحة:روح المعاني09.pdf/27
المظهر