انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢٦
تفسير روح المعاني

٢٦ تفسير روح المعاني بطل والباطل زائل ، وفائدة الاستعارة كما قيل : الدلالة على التأثير لأن الوقع يستعمل في الاجسام، وقيل: المراد من وقع الحق صيرورة العصاحية فى الحقيقة وليس بشيء ) وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١١٨ ) أى ظهر بطلان ما كانوا مستمرين على عمله ) فَقُلبُوا ) أى فرعون وقومه ( هنالك ) أي في ذلك المجمع العظيم ) وَانْقَلَبُوا صَاغرينَ (١١٩ ) أى صاروا أذلاء أو رجعوا إلى المدينة كذلك فالانقلاب إما مجاز 1* d عن الصيرورة والمناسبة ظاهرة أو بمعنى الرجوع فصاغرين حال ورجح الأول بقوله سبحانه : والقى السحرة سجدين (١٢٠) لأن ذلك كان بمحضر من فرعون قطعا ، وجوز رجوع ضمير غلبوا وانقلبوا على الاحتمال الأول إلى السحرة أيضا ، وتعقب بأنهم لا ذلة لهم ؛ والحمل على الخوف من فرعون أو على ما قبل الايمان لا يخفى ما فيه، والمراد من (ألقى السحرة) الخ أنهم خروا ساجدين، وعبر بذلك دونه تنبيها على أن الحق بهرهم واضطرهم إلى السجود بحيث لم يبق لهم تمالك فكأن أحداً دفعهم وألقاهم أو أن الله تعالى ألهمهم ذلك وحملهم عليه فالملقى هو الله تعالى بالهامه لهم . ينكسر فرعون بالذين أراد بهم كسر موسى عليه السلام وينقلب الامر عليه ، ويحتمل أن يكون الكلام جاريا مجرى التمثيل مبالغة في سرعة خرورهم وشدته واليه يشير كلام الاخفش ، وجوز أن يكون التعبير بذلك مشاكلة لما معه من الالقاء إلا أنه دون ما تقدم ، يروى أن اجتماع القوم كان بالاسكندرية وأنه باغ ذنب الحية من وراء البحر وأنها فتحت فاها ثمانين ذراعا فابتلعت ما صنعوا واحداً بعد واحد وقصدت الناس ففزعوا ووقع الزحام قرات ة وعشرون الفا ثم أخذها موسى عليه السلام فعادت فى يده عصا كما كانت وأعدم الله تعالى بقدرته خمسة دی منهم لذلك تلك الأجرام العظام ، ويحتمل أنه سبحانه فرقها أجزاء لطيفة فلما رأى السحرة ذلك عرفوا أنه من أمر السماء وليس من السحر في شيء فعند ذلك خروا سجدا، والمتبادر من السجود حقيقته ولا يبعد أنهم كانوا عالمين. بكيفيته ، وقيل : إن موسى وهرون عليهما السلام سجدا شكرا لله تعالى على ظهور الحق فاقتدوا بها وسجدوا معهما ، وحمل السجود على الخضوع أى أنهم خضعوا لما رأوا مارأوا خلاف الظاهر الذي نطقت به الآثار من غير داع إلى ارتكابه ( قالوا ) استئناف . وجوز أبو البقاء كونه حالا من ضمير انقلبوا وليس بشيء ، وقيل : هو حال من السحرة أو من ضميرهم المستتر في ساجدين أى أنهم ألقوا ساجدين حال كونهم قائلين ( ءامَنَّا بِرَبِّ العَلَمينَ ) أى مالك أمرهم والمتصرف فيهم ) رب موسى وهرونَ ) بدل مما قبل وإنما أبدلوا لئلا يتوهم أنهم أرادوا فرعون ولم يقتصروا على موسى عليه السلام إذ ربما يبقى للتوهم رائحة لأنه كان ربى موسى . عليه السلام في صغره ، ولذا قدم هرون في محل آخر لأنه أدخل في دفع التوهم أو لأجل الفاصلة أو لأنه أكبر سنا منه ، وقدم موسى هنا الشرفه أو للفاصلة ، وأما كون الفو أصل في كلام الله تعالى لا في كلامهم فقد قيل : إنه لا يضر، وروى أنهم لما قالوا: آمنا برب العالمين قال فرعون : أنا رب العالمين فقالوا رداً عليه رب موسى وهرون، وإضافة الرب اليهما لاضافته إلى العالمين ، وقيل : إن تلك الاضافة على معنى الاعتقاد أي الرب الذي يعتقدر بوبيته موسى وهرون ويكون عدم صدقه على فرعون بزعمه أيضا ظاهرا جدا إلا أن ذلك خلاف الظاهر من الاضافة، ويعلم مما قدمنا سر