انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢٥

تفسير قوله تعالى : (فذ القواسحروا أعين الناس واسترهبوهم ) الخ ٢٥ يحمل ما جاء في بعض الآثار من أنهم لما قالوا ما قالوا سمع موسى عليه السلام منادياً يقول : بل ألقوا أنتم يا أولياء ... الله تعالى فأوجس في نفسه خيفة من ذلك حتى أمر عليه السلام ، وسيجى. إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك فلما القوام ما ألقوا وكان مع كل واحد منهم حبل وعصا ( سحروا أعين الناس) بأن خيلوا اليها ما الحقيقة بخلافه ، ولذا لم يقل سبحانه سحروا الناس فالآية على حد قوله جل شأنه : ( يخيل اليه من سحرهم أنها تسعى ) ( واسترهبوهم ) أي أرهبوهم إرهابا شديدا كأنهم طلبوا إرهابهم و وجاءوا بسحر عظيم ١١٦ ) فى بابه ، يروى أنهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا فاذا حيات كأمثال الجبال قد ملات الوادى يركب بعضها بعضاء وفي بعض الآثار أن الأرض كان سعتها ميلا فى ميل وقد امتلات من الحيات والأفاعي، ويقال : إنهم طلوا تلك الحبال بالزئبق ولونوها وجعلوا داخل العصى زئبقا أيضا و ألقوها على الارض فلما أثر حر الشمس فيها تحركت والتوى بعضها على بعض حتى تخيل للناس أنها حيات . واستدل بالآية من قال كالمعتزلة إن السحر لا حقيقة له وإنما هو مجرد تخييل، وفيه أنهم إن أرادوا أن ما وقع في القصة من السحر كان كذلك فمسلم والآية تدل عليه وإن أرادوا أن كل سحر تخييل فممنوع والآية لا تدل عليه ، والذي ذهب اليه جمهور أهل السنة أن السحر أقسام وأن منه مالا حقيقة له ومنه ماله حقيقة ما يشهد بذلك سحر اللعين لبيد بن الأعصم اليهودى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وسحر يهود خيبر ابن عمر رضی الله تعالى عنهما حين ذهب ليخرص تمرهم. وذكروا أنه قد يصل السحر إلى حد المشى على الماء والطيران في الهواء ونحو ذلك ، وترتب ذلك عليه كترتب الشبع على الاكل والرى على الشرب والاحراق على النار، والفاعل الحقيقي في كل ذلك هو الله تعالى. نعم قال القرطبي: أجمع المسلمون على أنه ليس من السحر ما يفعل الله تعالى عنده انزال الجراد والقمل والضفادع وفلق الحجر وقلب العصا واحياء الموتى وانطاق العجماء وأمثال ذلك من آيات الرسل عليهم الصلاة والسلام . و من أنكر حقيقته استدل بلزوم الالتباس بالمعجزة ، وتعقب بأن الفرق مثل الصبح ظاهر ( وأوحينا إلى موسى ) اسطة الملك ما هو الظاهر ( أن ألق عَصَاكَ ) التي علمت من أمرها ما علمت و(أن) تفسيرية لتقدم مافيه معنى ہوا موسى القول دون حروفه ، وجوز أن تكون مصدرية فالمصدر مفعول الا اء ، والفاء في قوله سبحانه : فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ١١٧) فصيحة أى فألقاها فصارت حية فاذا هي الخ ، وإنما حذف للايذان بمسارعة . عليه السلام إلى الالقاء وبغاية سرعة الانقلاب كأن لقفها لما يأ فكون قد حصل متصلا بالامر بالالقاء ، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الغريبة، واللقف كاللقفان التناول بسرعة، وفسره الحسن هنا بالسرط والبلع ، والافك صرف الشئ وقلبه عن الوجه المعتاد ويطلق على الكذب وبذلك فسره ابن عباس. ومجاهد لكونه مقلوبا عن وجهه واشتهر ذلك فيه حتى صار حقيقة ، و (ما) موصولة أو موصوفة والعائد محذوف أى ما يأفكونه ويكذبونه أو مصدرية وهي مع الفعل بمعنى المفعول أى المأفوك لأنه المتلقف ، وقرأ الجمهور ( تلقف) بالتشديد و حذف احدى التامين ( فرقع أى ظهر وتبين كا قال الحسن ومجاهد و الفراء (الحق) وهو أمر موسى عليه السلام وفسر بعضهم وقع بثبت على أنه قد استعير الوقع للثبوت والحصول أو للثبات والدوام لأنه في مقابل (م ٤ - ج ٩ - تفسير روح المعاني )