تفسير قوله تعالى : ( وأرسل في المدائن حاشرين) الخ ٢٣ أن يخرجكم من أرضكم ) ثم قال فرعون : فماذا تأمرون قالوا : أرجه ، وحينئذ يحتمل كما قال القطب أن يكون كلام الملا" مع فرعون وخطاب الجمع فى يخرجكم إما لتفخيم شأنه أو لاعتباره مع خدمه وأعوانه . ويحتمل أن يكون مع قوم فرعون والمشاورة منه . ثم قال : وإنما التزموا هذا التعسف ليكون مطابقا لما في الشعراء في أن قوله : ( ماذا تأمرون ( من كلام فرعون وقوله : ( أرجه وأخاه ) كلام الملا . لكن ما ارتفعت المخالفة بالمرة لأن قوله : ( إن هذا الساحر عليم يريد أن يخرجكم ( كلام فرعون للملا . وفي هذه السورة على ما وجهوه كلام الملا أفرعون ، ولعلهم يحملونه على أنه قاله لهم مرة وقالوه له أخرى انتهى . ويمكن أن يقال: إن الملا لما رأوا من موسى عليه السلام ما رأوا قال بعضهم لبعض : إن هذا الساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تشيرون وما تستحسنون فى أمره ؟ ولما رآهم فرعون أنهم مهتمون من ذلك قال لهم تنشيطا لهم و تصويبا لمن هم عليه قبل أن يجيب بعضهم بعضا بما عنده مثل ما قالوه فيما بينهم فالتفتوا اليه وقالوا : أرجه وأخاه ، فحكى سبحانه هنا مشاورة بعضهم لبعض وعرض ما عندهم على فرعون أول وهلة قبل ذكره فيما بينهم ، وحكى فى الشعراء كلامه لهم ومشاورته إياهم التى . طبق مشاورة بعضهم بعضا المحكية هنا وجوابهم له بعد تلك المشاورة ، وعلى هذا لا يدخل العوام في الشورى، ويكون ههنا أبلغ في ذم الملاء فليتدبر والله تعالى أعلم بأسرار كلامه ) وأرسل في المدابن ( أى البلاد جمع مدينة ، وهى من مدن بالمكان كنصر إذا أقام به ، ولكون الياء زائدة كما قال غير واحد تقلب همزة فى الجمع، وأريد بها مطلق المدائن ، وقيل : مدائن صعيد مصر ( حشرين ١١١ ) أى رجالا يجمعون السحرة ، ، وفسره بعضهم بالشرط وهم أعوان الولاة لأنهم يجعلون لهم علامة ، ويقال للواحد شرطي بسكون الراء نسبة للشرطة ، وحكى في القاموس فتحها أيضا، وفى الأساس أنه خطأ لأنه نسبة إلى الشرط الذى هو جمع ، ونصب الوصف على أنه صفة لمحذوف ومفعوله محذوف أيضا كما أشير اليه ، وقد نص على ذلك الاجهوري يانوك بكل ساحر عليم ١١٢ ) أى ماهر في السحر هي والفعل مجزوم فى جواب الطلب : وقرأ حمزة . والكسائي ( سحار ) وجاء فيه الامالة وعدمها وهو صيغة مبالغة، وفسره بعضهم بأنه الذي يديم السحر والساحر من أن يكون قد سحر فى وقت دون وقت ، وقيل : الساحر هو المبتدئ في صناعة السحر والسحار هو المنتهى الذى يتعلم منه ذلك وجاء السحرة فرعون ) بعد ما أرسل اليهم الحاشرين وإنما لم يصرح به للايذان بمسارعة فرعون بالارسال ومبادرة الحاشرين والسحرة إلى الامتثال . واختلف في عدتهم . فعن كعب أنهم إثنا عشر الفا، وعن ابن إسحق خمسة عشر الفاً ، وعن أبي ثمامة سبعة عشر الفا ، وفي رواية تسعة عشر الفا ، وعن السدى بضعة وثلاثون الفا ، وعن أبي بزة أنهم سبعون الفا، وعن محمد بن كعب ثمانون الفا . وأخرج أبو الشيخ عن ابن جرير قال : السحرة ثلثمائة من قومه وثلثمائة من العريش ويشكون في ثلثمائة من الاسكندرية . وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنهم كانوا سبعين ساحرا وقد أخذوا السحر من رجلين مجوسيين من أهل نينوى مدينة يونس عليه السلام ، وروى نحو ذلك عن الكلبي ، والظاهر عدم صحته لأن المجوسية
صفحة:روح المعاني09.pdf/23
المظهر