تفسير قوله تعالى : ونزع يده فاذا . هنی ٢١ بيضاء للناظرين ) الخ تحقيق ذلك . والآية من أقوى أدلة جواز انقلاب الشيء عن حقيقته كالنحاس إلى الذهب ، إذ لو كان ذلك تخييلا لبطل الاعجاز ، ولم يكن لذكر مبين معنى مبين ، وارتكاب غير الظاهر غير ظاهر ، ويدل لذلك أيضاً أنه لا مانع فى القدرة من توجه الامر التكوينى إلى ماذكر وتخصيص الارادة له ، والقول بان قلب الحقائق محال والقدرة لا تتعلق به فلا يكون النحاس ذهباً رصاص معموه ، والحق جواز الانقلاب إما بمعنى أنه تعالى يخلق بدل النحاس ذهباً على ما هو رأى المحققين، أو بان يسلب عن أجزاء النحاس الوصف الذي صار يه نحاساً ويخلق فيه الوصف الذى يصير به ذهباً على ما هو رأى بعض المتكلمين من تجانس الجواهر واستوائها في قبول الصفات ، والمحال إنما هو إنقلابه ذهباً مع كونه نحاسا لامتناع كون الشىء فى الزمن الواحد نحاسا وذهبا ، وعلى أحد هذين الاعتبارين توكأ أئمة التفسير في أمر العصا ( وَنَزَعَ يده ( أى أخرجها من جيبه لقوله تعالى : (أدخل يدك في جيبك ) أو من تحت أبطه لقوله سبحانه : ( واضمم يدك إلى جناحك ) والجمع بينهما ممكن في زمان واحد، وكانت اليد اليمنى لما صرح به في بعض الآثار ( فاذا هي بيضاء للنظرين ) أى بيضاء بياضا نورانيا خارجا عن العادة يجتمع عليه النظار . فقد روى أنه أضاء له ما بين السماء والأرض ، وجاء في رواية أنه أرى فرعون يده ، وقال عليه السلام : ما هذه ؟ فقال : يدك . ثم أدخلها جيبه وعليه مدرعة صوف ونزعها فاذا هي بيضاء بياضا نورانيا غلب شعاعه شعاع الشمس ، وقيل : المعنى بيضاء لاجل النظار لا أنها بيضاء في أصل خلقتها لأنه عليه السلام كان آدم شديد الأدمة، فقد أخرج البخاري عن ابن عمر قال : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما موسى و آدم جثيم سبط كانه من رجال الزطه وعنى عليه الصلاة والسلام بالزط جنسا من السودان والهنود ، ونص البعض على أن ذلك البياض إنما كان فى الكف وإطلاق اليد عليها حقيقة . وفي القاموس اليد الكف أو من أطراف الأصابع إلى الكف، وأصلها يدى بدليل جمعها على أيدى ولم ترد اليد عند الاضافة إلى الضمير لما تقرر في محله ، وجاء في كلامهم يد بالتشديد وهو لغة فيه :
قال الملا" من قوم فرعون ( أى الأشراف منهم وهم أهل مشورته ورؤساء دولته . إن هَذَا لَسحر عليم ١٠٩) أى مبالغ في علم السحر ماهر فيه يريد أن يخرجكم من ارضكم ( أى من أرض مصر و فماذا تأمرون ١١٠ ) أي تشيرون في أمره كما فسره بذلك ابن عباس، فهو من الأمر بمعنى المشاورة، يقال : أمرته فامرنى أى شاورته فأشار على ، وقيل من الأمر المعهود، و (ماذا) في محل نصب على أنه مفعول لتأمرون بحذف الجار ، أى بأي شيء تأمرون ، وقيل : (ما) خبر مقدم و (ذا) اسم موصول مبتدأ مؤخر، أى ما الذي تأمرون به (قَالُوا أرجه وأخاه كم أى أخر أمرهما واصدرهما عنك ولا تعجل في أمر هما حتى ترى رأيك فيها ، وقيل : احبسها ، واعترض بانه لم يثبت منه الحبس * وأجيب بأن الأمر به لا يوجب وقوعه ، وقيل عليه أيضا : إنه لم يكن قادراً على الحبس بعد أن رأى مارأى ، وقوله : (لأجعلنك من المسجونين) فى الشعراء كان قبل هذا ، وأجيب بان القائلين لعلهم لم يعلموا ذلك منه ، وقال أبو منصور : الأمر بالتأخير دل على أنه تقدم منه أمر آخر وهو الهم بقتله ، فقالوا : أخره ليتبين حاله للناس ، وليس بلازم كما لا يخفى ؛ وأصل أرجه أرجئه بهمزة ساكنة وهاء مضمومة دون واوثم