من تفسير قوله تعالى : ( ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات) الخ ١٥ بهم جاءهم المعلومة حالها أوصفتها على أن اللام للعهد لكنه الاستغناء وجب عن اشتراط إفادته بالحال انتهى ، وفيه أن حديث الاستغناء ممنوع فان المعنى كما فى الكشف على التقديرين مختلف لأنه إذا جعل حالا يكون المقصود تقييده بالحال كما ذكره الزجاج في نحو هذا زيد قائما إذا جعل قيدا للخبر ان الكلام إنما يكون مع من يعلم أنه زيد والاجاء الاحالة لأنه يكون زيد قائما كان أولا، وإذا جعل خبرا بعد خبر فتلك القرى) على أسلوب ذلك الكتاب على أحد الوجوه (ونقص) خبر ثان تفخيما على تفخيم حيث نبه على أن لها قصصا وأحوالا أخرى مطوية . وقال الطيبي : إن الحال لما كانت فضلة كان الاشكال قائم فى عدم إفادة الخبر فأجيب بأنها ليست فضلة من كل وجه وأما الخبر فلا عجب من كونه كا لجزء من الأول تم فى قولك هذا حلو حامض، وهذا بمنزلته ، وفيه أن عد ما نحن فيه من ذلك القبيل حامض ومستغنى عنه بالحلو، ومثله بل أدهى وأمر . الجواب بانه لما اشترك الحلوان في ذات المبتدأ كفى إفادة أحدهما وصيغة المضارع للايذان بعدم انقضاء القصة بعد و ( من ) للتبعيض أى بعض أخبارها التي فيها عظة وتذكير ، و تصدير الكلام بذكر القرى وإضافة الأنباء أى الاخبار العظيمة الشان اليها مع أن المقصود أنباء أهلها وبيان أحوالهم حسبما يؤذن به قوله سبحانه ) ولقد جاءتهم رسلهم بالبينت ) لما ذكره شيخ الاسلام من أن حكاية هلاكهم بالمرة على وجه الاستئصال بحيث يشمل أما كنهم أيضا بالخسف بها و الرجفة وبقائها خاوية معطلة أهول وأفظع ، والباء في قوله تعالى : (بالبينات متعلقة اما بالفعل المذكور على أنها للتعدية ، وإما بمحذوف وقع حالا فاعله أي متلبسين بالبينات على معنى أن رسول كل أمة من الأمم المهلكة الخاص بالمعجزات البيئة الجمة لا أن كل رسول جاء ببينة واحدة، وماذكروه من أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد على الآحاد لا يقتضى كما قال المولى المدقق أبو القاسم السمر قندى في تعليقاته على المطول أن يلزم في كل مقابلة مقارنة الواحد للواحد لأن انقسام الآحاد على الآحاد كما يجوز أن يكون على السواء يجوز أن يكون على التفاوت ، مثلا إذا قيل : باع القوم دوا بهم يفهم أن كلا منهم باع ماله من دابة ، ويجوز أن تتعدد دابة البعض ، ولهذا قيل في قوله سبحانه : ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ) إن غسل يدى كل شخص ثابت بالكتاب والمقام هنا يقتضى ما ذكرناه فان الجملة مستأنفة مبينة لكمال عتوهم وعنادهم، وقوله عز شانه : فَمَا كَانُوا ليُؤْمِنُوا ) بيان لاستمرار عدم إيمانهم في الزمان الماضى لا لعدم استمرار إيمانهم ، ونظير ذلك لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ، وترتيب حالهم هذه على مجيء الرسل بالبينات بالفاء لما أن الاستمرار على فعل بعد ورود ما يوجب الاقلاع عنه يعد بحسب العنوان فعلا جديداً وصنعا حادثا كما في وعظته فلم ينزجر ودعوته فلم يجب ، واللام لتاكيد النفى أى فما صح و وما استقام لقوم من أولئك الأقوام في وقت من الأوقات ليؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم إلى أن لقوا مالقوا لغاية عتوهم وشدة شكيمتهم في الكفر والطغيان ثم إن كان المحكى آخر حال كل قوم منهم فالمراد بعدم إيمانهم هو إصرارهم على ذلك بعد اللنيا والتي وبما أشير اليه بقوله تعالى : ( بما كذبوا من قبل ) تكذيبهم من لدن مجىء الرسل عليهم السلام إلى وقت الاصرار والعناد ، ، وهذا معنى كلام الزجاج فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية تلك المعجزات بما كذبوا قبل رؤيتها، يعنى أول ما جاءوهم فاجأوهم بالتكذيب فأنوا بالمعجزات فأصروا على التكذيب وإلى هذا ذهب الحسن أيضا ، وإنمالم
صفحة:روح المعاني09.pdf/15
المظهر