انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني09.pdf/11

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١١

تفسير قوله تعالى : (ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون) الخ ١١ في سورة الانعام بالفتح ما أريد بالحسنة ههنا فلا يتوهم الأشكال انتهى . و أنت خبير بأنا رادة آمنوا من أول الأمر الى آخره غير ظاهرة بل الظاهر أنهم لو أنهم آمنوا بعد أن ابتلوا ليسرنا عليهم ما يسرنا مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء كامطار الحجارة وبعضها من الأرض كالرجفة وبهذا ينحل الاشكال لأن آية الأنعام لا تدل على أنه فتح لهم هذا الفتح كما هو ظاهر لتاليها ، وما ذكر من أن المراد بالفتح هناك ما أريد بالحسنة ههنا إن كان المراد به أن الفتح هناك واقع، وقع اعطاء الحسنة بدل السيئة هنا حيث كان ذكر كل منهما بعد ذكر الاخذ بالبأساء والضراء و بعده الأخذ بغتة فربما يكون له وجه لكنه وحده لا يجدي نفعا، وإن كان المراد به أن مدلول ذلك العام المراد به التكثير هو مدلول الحسنة فلا يخفى ما فيه فتدبر ، وقيل : المراد بالبركات السماوية والأرضية الأشياء التى تحمد عواقبها ويسعد فى الدارين صاحبها وقد جاءت البركة بمعنى السعادة في كلامهم فلتحمل هنا على الكامل من ذلك الجنس ولا يفتح ذلك إلا للمؤمن بخلاف نحو المطر والنبات والصحة والعافية فانه يفتح له وللكافر أيضا استدراجا ومكرا ، ويتعين هذا الحمل على ما قيل اذا اريد من القرى ما يتناول قرى أرسل اليها نبي وأخذ أهلها بما أخذ وغيرها ، وقيل : البركات السماوية اجابة الدعاء و الأرضية قضاء الحوائج فليفهم . وقرأ ابن عامر (لفتحنا) بالتشديد ولكن كَذَّبُوا ) أى ولكن لم يؤمنوا ولم يتقوا ، وقد اكتفى بذكر

الأول لاستلزامه الثاني وللاشارة إلى أنه أعظم الأمرين ( فأخذتهم بما كَانُوا يَكْسِبُونَ ) من أنواع الكفر و المعاصى التى من جملتها قولهم السابق ، والظاهر أن هذا الأخذ والمتقدم في قوله سبحانه : ( فأخذناهم وهم لا يشعرون) واحد وليس عبارة عن الجدب والقحط كما قيل : لأنهما قد زالا بتبديل الحسنة مكان السيئة ، وحمل أحد الأخذين على الأخذ الأخروى والآخر على الدنيوى بعيد ، ومن ذهب إلى حمل أل على الجنس على الوجه الأخير فيه يلزمه أن يحمل كذبوا فأخذناهم على وقوع التكذيب والأخذ فيما بينهم ولا يخفى . بعده و افا من اهل القرى ( الهمزة لانكار الواقع واستقباحه ، وقيل : لانكار الوقوع ونقيه ، وتعقب بأن ( فلا يأ من مكر الله) الخ يأباه ، والفاء للتعقيب مع السبب ، والمراد بأهل القرى قيل : أهل القرى المذكورة على وضع المظهر موضع المضمر للايذان بأن مدار التوبيخ أمن كل طائفة ما أتاهم من البأس لا أمن مجموع الامم ، وقيل : المراد بهم أهل مكة وما حو اليها من بعث اليه نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وهو الأولى عندى و إلى ذلك ذهب محي السنة ، والعطف على القولين على ( فأخذناهم بغتة ) لا على محذوف ويقدر بما يناسب المقام كما وقع نحو ذلك في القرآن كثيرا، وأمر صدارة الاستفهام سهل، وقوله سبحانه : ( ولو أن أهل القرى آمنوا) الخ اعتراض توسط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور مما كسبته أيديهم نظراً للاول ولأنه يؤيد ما ذكر من أن الاخذ بغتة ترتب على الايمان والتقوى ، ولو عكس لانعكس الأمر نظرا للثانى، ولو جعلت اللام فيما تقدم للجنس أكد هذا الاعتراض المعطوف والمعطوف عليها وشملهما شمولا سواء على ما في الكشف ولم يجعل العطف على فأخذناهم الأقرب لأنه لم يسق لبيان القرى وقصة هلا كها قصدا كالذى قبله فكان العطف عليه دونه أنسب وهذا إذا أريد بالقرى القرى المدلول عليها بما سبق ، وأما إذا أريد با