الرد على مذاهب فرق النصارى في عيسى عليه السلام. ٢٩ أو بعدمها ، أو ببقاء أحدهما . وعدم الآخر ، أما على التقدير الأول فهما اثنان كما كانا ، وإن كان الثاني فالواحد الموجود غيرهما . وإن كان الثالث فلا اتحاد للاثنينية وعدم أحدهما ، وأما على التقدير الثاني فمن أربعة أوجه: الأول أنه إذا جاز اتحاد أقنوم الجوهر القديم بالحادث، فما المانع من اتحاد صفة الحادث بالجوهر القديم؟ فلئن قالوا: المانع أن اتحاد صفة الحادث بالجوهر القديم يوجب نقصه وهو ممتنع ، و اتحاد صفة القديم بالحادث يوجب شرفه، و شرف الحادث بالقديم غير ممتنع، قلنا: ف. كما أن ذات القديم تنقص باتحاد صفة الحادث بها فالاقنوم القديم ينقص باتحاده بالناسوت الحادث فليكن ذلك ممتنعاً ، الثانى أنه قد وقع الاتفاق على امتناع اتحاد أقنوم الجوهر القديم بغير ناسوت المسيح فما الفرق بين ناسوت وناسوت؟ فلئن قالوا إنما اتحد بالناسوت الكلي دون الجزئي رددناه بما ستعلمه قريباً إن شاء الله تعالى ، الثالث أن مذهبهم أن الاقانيم زائدة على ذات الجوهر القديم مع اختصاصها به ولم يوجب قيامها به الاتحاد فان لا يوجب اتحاد الاقنوم بالناسوت أولى * الرابع أن الاجماع منعقد على أن أقنوم الجوهر القديم مخالف للناسوت كما أن صفة نفس الجوهر تخالف نفس العرض، وصفة نفس العرض تخالف الجوهر ، فان قالوا : بجواز اتحاد صفة الجوهر بالعرض أوصفة العرض بالجوهر حتى أنه يصير الجوهر في حكم العرض والعرض في حكم الجوهر ، فقد التزموا محالا مخالفاً لأصولهم ، و إن قالوا: بامتناع اتحاد صفة نفس الجوهر بالعرض ونفس العرض بالجوهر مع أن العرض والجوهر أقبل للتبدل والتغير فلان يمتنع فى القديم والحادث أولى ، وقولهم إن المسيح إنسان على باطل من أربعة أوجه : الأول أن الانسان الكلى لا اختصاص له بجزئي دون جزئى من الناس، وقد اتفقت النصارى أن المسيح مولود من مريم عليهما السلام، وعند ذلك فإما أن يقال إن إنسان مريم أيضاً كلى - كما حكى عن بعضهم أو جزئى ، فان كان كلياً فإما أن يكون هو عين إنسان المسيح أو غيره ، فان كان عينه لزم أن يولد الشئ من محال ، ثم يلزم أن يكون المسيح مريم ومريم المسيح ولم يقل به أحد ، وإن كان غيره فالإنسان الكلى ما يكون عاما مشتركا بين جميع ، وطبيعته جزء من معنى كل إنسان ، ويلزم من ذلك أن يكون إنسان المسيح بطبيعته جزء من مفهوم إنسان مريم وبالعكس وذلك محال، وإن كان إنسان مريم جزئياً فمن ضرورة كون المسيح مولوداً عنها أن يكون الكلى الصالح لاشتراك الكثرة منحصراً في الجزئى الذى لا يصلح لذاته وهو نفسه وهو ممتنع ، الثاني أن النصارى مجمعون على أن المسيح كان مرتباً ومشاراً اليه ، والكلى ليس كذلك . الثالث أنهم قائلون: إن الكلمة حلت في المسيح إما بجهة الاتحاد أولا بجهة الاتحاد، فلو كان المسيح إنسانا كلياً لما اختص به بعض أشخاص الناس دون البعض ولما كان المولود من مريم : مختصاً بحلول الكلمة دون غيره ولم يقولوا به ، الرابع أن الملكانية متفقون على أن القتل وقع على اللاهوت والناسوت، ولو كان ناسوت المسيح ليا لما تصور وقوع الجزئى عليه . وأما ما ذهب اليه نسطور من أن الأقانيم ثلاثة، فالكلام معه في الحصر على طرز ما تقدم، وقوله: ليست عين ذاته ولا غير ذاته فان أراد بذلك ما أراد به الاشعرى فى قوله: إن الصفات لاعين ولا غير فهو حق، وإن أراد غيره فغير مفهوم ؛ وأما تفسيره العلم بالكلمة، فالنزاع معه .. في هذا الاطلاق - لفظى ، ثم لا يخلو إما أن يريد بالكلمة الكلام النفسى أو الكلام اللساني ، والكلام فى ذلك معروف ؛ وقوله : إن الكلمة اتحدت بالمسيح بمعنى أنها أشرقت عليه لا حاصل له لأنه إما أن يريد بإشراق الكلمة عليه عليه السلام ماهر مفهوم من مثاله ،
صفحة:روح المعاني06.pdf/29
المظهر