والموتتانيار والى مناشيرهم وتقار يرهم تروا أنهم أتوا فيها باكثر الكلام للتعبير عما يتطلب أقله وأن تعقلهم كان يغرق في بحر طام من الالفاظ المفخمة ، فاليعقوبي يسير وراء ما يدور في دماغه المتعقل من الأوهام والخيالات التي هي عنده أكثر من غيرها ولا يعباً . الا بما توجيه اليه فيصرخ بين الناس كما يهتف فى موكب النصر .. وانى وان كنت أعجب لبيان تاين لا أعتقد أنه فهم نفسية اليعقوبي تماماً . فروح اليعقوبي الحقيقي، سواء أفي أيام الثورة الفرنسية أم في أيامنا ، تتألف من عناصر يجب تحليلها لادراك شأنها . يدلنا هذا التحليل على أن اليعقولى معتقد غير متعقل وأنه لا يؤسس معتقده على العقل بل يسكب العقل في قالب معتقده وأن خطيه وان كانت مشبعة من العقليات لا يسير عليها الا قليلا ، ولو كان اليعقوبي يتعقل بنسبة ما يلام عليه من التعقل لأجاب نداء العقل في بعض الأحيان، وقد دلتنا المشاهدة منذ عهد الثورة الفرنسية على أن العقل مهما يكن سديداً لم يؤثر فيه قط ، وهذا هو سرمنعته ، والسبب في عدم تأثير العقل فيه هو أن ما فيه من قصر النظر لا يسمح له بمقاومة اندفاعاته العاطفية المسيرة له ولا تتألف النفسية اليعقوبية من هذين العنصرين أى العقل الضعيف والعواطف القوية وحدهما ، بل تتألف من عنصر آخر أيضاً، فاليعقوبي الحقيقي ذو معتقد راسخ، والعاطفة : ة تدعم المعتقد ولا تنشئه ، فما هو ركن هذا المعتقد ؟ هنا : يبدو لنا عنصر التدين الذي بحثنا فيه سابقاً ، فاليعقوبي متدين أقام مقام آلهته القديمة آلهة جديدة ، أي أنه لما كان للالفاظ والصيغ سلطان قوى على نفسه فأنه يعزو اليها قوة إلهية ولا يتأخر في سبيل خدمة هذه الآلهة الكثيرة الطلب عن اقتراف أقسى الأعمال ، والدليل على ذلك ماسته اليعاقبة في الوقت الحاضر من القوانين . وتظهر النفسية اليعقوبية عند ذوى الخلق الضيق الحمس على الخصوص، وتتضمن تلك النفسية فكراً قاصراً عنيداً لا يؤثر فيه النقد، وما تغلب على الروح اليعقوبية من التدين والعاطفة يجعل اليعقوبي كثير السذاجة . وهو لعدم إدراكه من الأمور غير علاقاتها الظاهرة يظن أن ما يساوره من الصور الوهمية حقائق ويفوته ارتباط الحوادث فلا يتحول عن خياله أبداً . إذن لا يقترف اليعقوبي الآثام لرقى منطقه العقلى ، وإنما لضعف عقله يسير معتقداً -10.
صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/54
المظهر