انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أشياع آلهة العقل التي تشبه الاله مولوخ الظالم في تعطشها إلى القرابين البشرية . ألا ان الأماني خلابة ، وكم من أصنام حطمت منذ بضعة قرون تمهيداً للسجود أمام حديث .. هستم محمد ولما كان سلطان العقل على المعتقدات الدينية قليلا أصبح من اللغو أن نجادل، كما يفعل البعض، فما للمبادئ الثورية والسياسية من القيمة العقلية، وتأثيرها وحده هو الذي يهمنا ، سواء علينا أكذبت التجربة نظرية المساواة ونظرية الصلاح الفطرى ونظرية تجديد المجتمع بالقوانين أم لم تكذبها . النفسية اليعقوبية اصطلحت على تعبير ، النفسية اليعقوبية ، ، مع أنه لم يسبقنى احد اليه في أي تقسيم، الا لالته على نوع نفسى خاص . فقد سادت هذه النفسية رجال الثورة الفرنسية ، ولا تزال مؤثرة في سياستنا الحاضرة . زعم اليعاقبة أنهم عاطلون من خلق التدين وأن العقل يسيرهم ، وقد كانوا يستشهدون بالعقل أيام الثورة الفرنسية ويتخذونه هادياً مرشداً . وقد رأى أكثر المؤرخين أن الروح اليعقوبية تنزع إلى المعقول، وذهب تاين إلى هذا الرأي الفاسد فعزا كثيراً من أعمال اليعاقبة إلى مغالاتهم في المعقولات ، غير أنه جاء في بحثه عنهم بعض الحقائق التي تستحق النظر ، فاليك بعضها : لم تكن عزة النفس والعقل النظرى بالشيء النادر عند البشر ، ففي أى بلد نراهما، وهما مصدر الروح اليعقوبية ، لا يفنيان ، ومتى يبلغ عمر المرء عشرين سنة فيدخل في معترك الحياة يستحوذ الغم على عقله و زهوه فيعتبر المجتمع الذي نبت فيه حاجزاً يحول دون تقدم عقله النظرى . والمجتمع قد أوجدته الأجيال المتعاقبة حسب احتياجاتها الكثيرة المتحولة أى أنه لم يكن من صنع المنطق بل من صنع التاريخ كما هو معلوم . ثم يهز ذلك المبتدى. كتفيه هازئاً بهذا البناء الاجتماعي الهرم الذى لم يقم على نظام والذي يبدو عليه الرتق والترقيع . انظروا إلى أحسن ما أنتجته قرائح أولئك الرجال ، أي إلى خطب رو بسير وسان جوست والى مناقشات المجلس الاشتراعى الأول ومجلس العهد والى أقوال الجير ونديين