- ٤٩ - منه : نه ، وإذا كان الناس لا يبذلون من حياتهم في سبيل المعقولات الا شيئاً قليلا فانهم يبذلونها كلها طوعاً في سبيل خيال ديني يعبدونه لم تلبث مبادى، الثورة الفرنسوية أن القت في قلوب الناس حمية دينية كالتي القتها المعتقدات الدينية السابقة، ولم تفعل بذلك غير تحويلها وجهة النفس الموروثة المتكاثفة مع الزمن . إذن لا نعجب من حمية رجال العهد الشديدة ، وهم يشبهون بنفسيتهم الدينية البروتستان في دور الاصلاح الديني ، وقد كان أبطال دور الهول كرو بسبير وكوتون وسان جوست وغيرهم رسلا يشبهون بوليوكت الذى ظن أنه بهدمه تماثيل الآلهة الباطلة في سبيل إيمانه انياً ، فلما اعتقدوا أن صيغهم السحرية تكفى لدك العروش لم يترددوا في شهر الحرب على الملوك ، وقد غلبوا أوربة بفضل ايمانهم القوى الذي يغلب الايمان يجعل العالم : الضعيف نصر وكان تدين زعماء الثورة الفرنسية يظهر في أدق أعمالهم ، فقد قال روبسبير في إحدى خطبه ، وهو يعتقد أنه محقوف بعون الله . و إن الله تعالى أمر بالحكم الجمهوري منذ البداءة ، ، وجعل ، وهو الخبر الاعظم لدين الحكومة ، مجلس العهد يضع مرسوماً جاء فيه : . أن الأمة الفرنسية تؤمن بالله تعالى و بخلود النفس . . والقى ، وهو جالس على العرش ، يوم عيد الرب موعظة طويلة . واعتقد مكسيمليان ، وجود إله قادر عظيم يحافظ على البرىء المظلوم و يعاقب المجرم الظافر »، وكان الخوارج الذين كانوا يطعنون في المذهب اليعقوبي يرسلون إلى المحكمة الثورية التي كان لا يخرج منها المتهم إلا إلى المقصلة . ولم تمت النفسية الدينية بموت روبسبير الذى هو عنوانها ، فبين رجال السياسة نرى أناساً . ذوى نفسية تشبه نفسيته فهؤلاء وان لم يكن للمعتقدات الدينية القديمة سلطان عليهم، يخضعون التعاليم سياسية لا يتأخرون ساعة عند المقدرة عن حمل الناس عليها . فطريقة. الارشاد في كل جيل عند المتدينين الذين يضحون بأنفسهم في سبيل نشر معتقدهم واحدة حينما يصيرون سادة . أذن من الطبيعي أن يكثر عدد المعجبين بروبسبير والناسجين على منواله وهو وان
صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/51
المظهر